وَكَانَ يَقُول لأَصْحَابه: إِذا دَخَلْتُم فَلَا تلتفتوا يَمِينا وَلَا شمالاً، وانظروا فِي وُجُوه أهل الْمَرْأَة، وَأهل الرجل حَتَّى يقدر هَؤُلَاءِ أَنكُمْ من هَؤُلَاءِ، وكلموا البواب بِرِفْق، فَإِن الرِّفْق يمن، والخرق شُؤْم، وَعَلَيْكُم مَعَ البواب بِكَلَام بَين كلامين: الإدلال، والنصيحة. سمع بَعضهم رجلا يَقُول: رُوِيَ فِي الْأَخْبَار أَن الدَّجَّال يخرج فِي سنة قحط مَعَ جرادق أصفهانية، وملح ذرآني وأنجذانيّ سرخسيّ، فَقَالَ الطفيلي: عافاك الله، وَالله إِن رجلا يجِئ بِهَذَا يسْتَحق أَن يسمع لَهُ ويطاع. صحب طفيلي جمَاعَة فِي سفر، ففرضوا على أَن يخرج كل وَاحِد مِنْهُم شَيْئا للنَّفَقَة، فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُم: عليّ كَذَا. فَلَمَّا بلغُوا إِلَى الطفيلي قَالَ: أَنا عليّ. . وَسكت. قَالُوا لَهُ: لم سكت؟ وإيش عَلَيْك؟ فَقَالَ: لعنة الله. فضحكوا وأعفوه من النَّفَقَة. قيل لطفيلي: لم قطعت فلَانا صديقك؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يسبقني إِلَى بَيْضَة البقيلة، وَقفا السَّمَكَة، وخاصرة الجدي. نظر بَعضهم إِلَى قوم ذَاهِبين فِي وَجه، فَعلم أَنهم يذهبون إِلَى وَلِيمَة، فَقَامَ وتبعهم فَإِذا هم شعراء قد قصدُوا بَاب السُّلْطَان بمدائح لَهُم، فَلَمَّا أنْشد كل وَاحِد مِنْهُم شعره وَأخذ جائزته، وَلم يبْق إِلَّا الطفيلي، وَهُوَ جَالس لَا ينْطق، قيل لَهُ: أنْشد، فَقَالَ: لست بشاعر. قَالُوا: فَمن أَنْت؟ قَالَ: أَنا من الغاوين الَّذين قَالَ الله جلّ ذكره فيهم: " وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ " فَضَحِك الْخَلِيفَة وَأمر لَهُ بِمثل جَائِزَة الشُّعَرَاء. قَالَ بَعضهم: أفضل الْبِقَاع وَخَيرهَا ثَلَاثَة. قيل: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: دكان الرواس، ودرجة الخباز، ومطبخ الْجواد. وَأفضل الْخشب وخيره ثَلَاثَة: سفينة نوح، وعصا مُوسَى، ومائدة يُؤْكَل عَلَيْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015