سَاعَة حَتَّى مَاتَ الواثق فعُزل فِي بَيت ليُغسل، وَاشْتَغلُوا عَنهُ، فَجَاءَت هرّة فَأكلت عينه الَّتِي نظر بهَا إِلَى إيتاخ فتراجع وَسقط واندق سَيْفه هَيْبَة مِنْهَا، فَعجب النَّاس من ذَلِك. وَكَانَ إيتاخ زعيماً لسَبْعين ألف غُلَام تركيّ. وَمثله لِسَان مَرْوَان بن مُحَمَّد، فَإِنَّهُ لمّا قُتل، وَأخذ رَأسه وَأَرَادُوا إِنْفَاذه إِلَى أبي الْعَبَّاس أمروا بتنظيفه، فجَاء كلب فَأخذ لِسَانه وَجعل يمضغه. فَقَالَ عبد الله بن عليّ: " لَو لم يرنا الدَّهْر من عجائبه إِلَّا لِسَان مَرْوَان فِي فَم كلب لَكَفَانَا ذَلِك ". قيل: إِنَّه كَانَ سَبَب موت الْمُنْتَصر، أَنه وجد حرارةً، فقصد بمبضع مَسْمُوم فَمَاتَ. وَأَن الطَّبِيب الَّذِي فعل بِهِ ذَلِك احْتَاجَ إِلَى الفصد بعد ايام، فَأخْرج لتلميذه دست مباضع ليفصده، وفيهَا ذَلِك المبضع، وَقد أُنسيه، فقصده بِهِ تِلْمِيذه فَمَاتَ الطَّبِيب. وحُكي عَن المستعين أَنه قَالَ: كَانَ الْمُنْتَصر قد جعلني فِي نَاحيَة أَخِيه مُوسَى الأحدب - وَكَانَ لِأَبِيهِ وَأمه - وَأحسن إليّ، فَلَمَّا ثقل اغتممت، وَرَأَيْت مُوسَى مَسْرُورا طامعاً فِي الْخلَافَة، فَانْصَرَفت إِلَى بَيْتِي مغموماً فطرقني رَسُول أتامش فَفَزِعت لذَلِك، وودّعت أُمِّي وَخرجت مَعَ جمَاعَة من الموَالِي حَتَّى أُدخلت حجرَة، وَجَاءَنِي كَاتب فسكّن مني، وَجعل يؤنسني ويحدثني ويخدمني، فَأَصْبَحت يومي صَائِما. وأخرجوني فِي عشيّة ذَلِك الْيَوْم، فبايعوني. قَالَ أَحْمد بن أبي الْأَصْبَغ: لما ولى المستعين الْخلَافَة، دَعَاني أَحْمد بن الخصيب - وَقد استوزره - فَقَالَ لي: أكتب السَّاعَة فِي إشخاص أبي صَالح عبد الله بن مُحَمَّد بن يزْدَاد، من فَارس بأسرع من عنْدك وأفرههم. فورد أَبُو صَالح بعد شهر، فَمَكثَ جُمُعَة ودب فِي أَمر أَحْمد بن الخصيب حَتَّى ولّي مَكَانَهُ وَنفي أَحْمد بن الخصيب إِلَى أقريطش. قَالَ: فدعاني أَبُو صَالح حِين ولّي فَقَالَ: اكْتُبْ السَّاعَة إِلَى همذان فِي إشخاص شُجَاع بن الْقَاسِم إِلَى الحضرة، ووجّه إِلَيْهِ بِالَّذِي جَاءَ بِي من فَارس، قَالَ: فَفعلت ذَلِك، فَوَافى شُجَاع، فتقلد كتبة أوتامش، فَلَمَّا تمكن نكب أَبَا صَالح وَقَامَ مَكَانَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015