تشرع المنافسة في الذكر وترك الإيثار فيه، فالإيثار بالقرب مكروه، وقد أمر الله بالمسارعة إلى مغفرته وجنته، وأمر بالمسابقة إليهما، وقال جل وعلا: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]. والمؤثر راغب عن ذلك زاهد فيه، فإذا وقعت المشاحة فيه فالأصل ترك الإيثار، ولهذا شرعت القرعة عند التشاح في الأذان؛ لذا أخرج الشيخان: (?) من طريق مالك، عن سمي، مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا؛ إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير، لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما ولو حبوا» فشرعت القرعة للظفر بالأذان لفضله.
وعلى هذا يكره إيثاره لغيره في القرب؛ كالذكر وفي محالّ الذكر ومجالسه بل يكره التأخر عن ذلك، وقد روى مسلم: (?) من طريق أبي الأشهب، عن أبي نضرة العبدي، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرًا فقال لهم: «تقدموا فأتموا بي،