في الماضي الذي لا زيادة فيه فتقول: " أمس قام زيد "، و " يوم الجمعة ذهب عمرو ".
ولا يستقيم هذا في المستقبل من أجل " السين " أو " سوف "، لا تقول:
" غداً سيقوم زيد "، لوجوه منها:
أن " السين " تنبئ عن معنى الاستئناف والاستقبال للفعل، وإنما يكون
مستقبلاً بالإضافة إلى ما قبله، فإن كان قبله ظرف أخرجته " السين " عن الوقوع في الظرف، فبقي الظرف لا عامل فيه، فبطل الكلام.
فإذا قلت: " سيقوم زيد غداً "، دلت " السين " على أن الفعل مستقبل بالإضافة إلى ما قبله، وليس قبله إلا حالة
المتكلم، ودل لفظ " غداً " على استقبال اليوم فتطابقا، وصار ظرفاً له.
ووجه ثان ماء من التقديم في الظرف وغيره، وهو أن " السين " و " سوف " من
حروف المعاني الداخلة على الجمل، ومعناها في نفس المتكلم وإليه يسند لا إلى الاسم المخبر عنه، فوجب أن يكون له صدر الكلام كحروف الاستفهام والنفي والتمني وغير ذلك، ولذلك قبح: " زيداً سأضرب ".
و" زيد سيقوم " مع أن الخبر عن " زيد " إنما هو بالفعل لا بالمعنى الذي دلت عليه " السين "، فإن ذلك المعنى مسند إلى المتكلم لا إلى " زيد " فلا يجوز أن يخلط بالخبر عن " زيد " فتقول: " زيد سيفعل ".
فإن أدخلت " إن " على الاسم المبتدأ جاز دخول " السين " في الخبر، لاعتماد
الاسم على " إن "، ومضارعتها للفعل، فصارت في اللفظ مع اسمها كالجملة التامة، فصلح دخول " السين " فيما بعد، فأما مع عدم " أن " فيقبح ذلك.
وهذا مذهب الشيخ أبي الحسين - رحمه الله - إلا التعليل فإنه بخلاف تعليله
وقد قلت له كالمحتج عليه: أليس قد قال الله - سبحانه وتعالى -:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)
فجاء بالسين في خبر المبتدأ؟ فقال لي: اقراً ما قبل الآية.
فقرأت (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية. . . فضحك وقال قد كنت أفزعتني، أليست هذه " إن " في الجملة المتقدمة، وهذه الأخرى معطوفة بالواو عليها، والواو تنوب مناب تكرار العامل؟ فسلمت له وسكت.