الفعل، أي: الملقبون بهذا الاسم، والمعروفون بهذه العلامة، فعاد الأمر إلى ما ذكرنا.
وأما التثنية فمن حيث قالوا في الفعل: " فعلا " و " صنعا " فيما يعقل وفيما لا
يعقل ولما لم يقولوا: " فعلوا " و " صنعوا " إلا فيما يعقل، لم يجعلوا " الواو " علامة
للجمع في الأسماء إلا فيما يعقل، إذ كان فيه معنى الفعل، ومن حيث اتفق معنى التثنية ولم يختلف، اتفق لفظها كذلك في جميع أحوالها ولم يختلف، واستوى فيها ما يعقل وما لا يعقل.
ومن حيث اختلفت معاني الجموع بالكثرة والقلة اختلفت ألفاظها.
ولما كان الإخبار عن جمع ما لا يعقل يجري مجرى الجملة والأمة والثُّلَّة، لا يقصد به في الغالب إلا الأعيان المجتمعة على التخصيص، لا كل واحد منها على التعيين، كان الإخبار عنها بالفعل كالإخبار عن الأسماء المؤنثة، إذ الجملة والأمة وما هو في معنى ذلك أسماء مؤنثة، ولذلك قالوا في جموع ما لا يعقل: " الجمال ذهبت "، و " الثياب بيعت "، و " الدور اشتريت "، وما أشبه ذلك، إذ لا يتعين في قصد الضمير كل واحد
منها في غالب الكلام والتفاهم بين الأنام.
ولما كان الإخبار عن جمع ما يعقل بخلاف ذلك، وكان كل واحد من الجمع
فيه يتعين غالباً في القصد إليه والإشارة، وكان اجتماعهم في الغالب عن ملأ منهم وتدبير وأغراض عقلية، جعلت لهم علامة تختص بهم تنبئ عن الجمع المعنوي كما هي في ذاتها جمع لفظي، وهي " الواو "، لأنها ضامة بين الشفتين أو جامعة لهما، وكل محسوس يعبر به عن معقول فينبغي أن يكون مشاكلاً له، فما خلق الله - تعالى - الأجساد في صفاتها المحسوسة إلا مطابقة للأرواح في صفاتها المعقولة.
ولا وضع الألفاظ في لسان آدم - عليه السلام - وذريته إلا موازنة للمعاني التي هي أرواحها، فهذا سر " الواو " في اختصاصها بالجمع لمن يعقل، وعلى نحو ذلك خصت بالعطف لأنه جمع في معناه، وبالقسم لأن واوه في معنى واو العطف، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وأما اختصاص (الألف) بالتثنية، فلقرب التثنية من الواحد في المعنى وجب أن