كان (أخ) و (أب) كذلك، ثم لم يعد إليه ما حذف منه في تثنية ولا إضافة؟
قلنا: إنهم قد عوضوا من المحذوف ألف الوصل في ابن واسم، فلم يكونوا
ليجمعوا بين العوض والمعوض منه، بخلاف " أخ " و " أب " ومنعهم أن يعوضوا من المحذوف في " أخ " و " أب " الهمزة التي في أولهما، فراراً من اجتماع همزتين.
وأما " حم " فقد كان الأصل فيها " حمأ " بالهمزة، فلم يكونوا ليعوضوا من الهمزة همزاً آخر، فجعلوه كأب وأخ.
فإن قيل: فما بالهم يقولون في جمع ابن: (بنون) ، وهو جمع على حد التثنية.
فلم لم يقولوا: (ابنون) كما قالوا: (ابنان) ؟
ْقلنا: إن الجمع قد يلحقه التغييرات (بالتكسير وغيره) ، بخلاف التثنية فإنها
لا يتغير فيها لفظ الواحد بحال، مع أنهم رأوا أن جمع السلامة لا بد فيه من " واو " في الرفع و " ياء " مكسور ما قبلها في النصب والخفض، فأشبهت حاله حال ما لم يحذف منه شيء إذ المحذوف منه " ياء " أو " واو "، ففتحوا أوله كما كانوا يفعلون لو لم يحذف منه شيء وليست هذه العلة في التثنية إذا تأملتها.
وأما قولهم في المؤنث " بنات " - بفتح الباء - ولم يقولوا: (ابنات) كما قالوا: (ابنتان) فإنهم حملوا جمع المؤنث على جمع المذكر، لئلا يختلف، والله أعلم.
وأما " أخت " و " بنت " فالتاء من " أخت " مبدلة من " الواو " وكما أبدلت منها في " تراث " و " تخمة "، وإنما حملهم على ذلك هاهنا أنهم رأوا المذكر قد حذفت لامه في الإفراد فقالوا: أخ، وكان القياس أن يقولوا في المؤنث: " أخته "، بهاء في الوقف، فلو فعلوا ذلك لكانت تلك التاء حرف إعراب في الإضافة والإفراد، ولم يمكنهم أن يعيدوا المحذوف في الإضافة تتميماً للفظ فيخالف لفظه لفظ المذكر، ولا أمكنهم من تطويل الصوت بالحركات ما أمكنهم في التذكير، لأن ما قبل (تاء) التأنيث ليس بحرف إعراب، ولا أمكنهم نقصان اللفظ في الموطن الذي تم فيه المعنى، فجمعوا بين الأغراض بإبدالها تاء، لتكون في حال الإفراد علماً للتأنيث،