فالجواب: أنه ما أضيف إلى الأفعال في الحقيقة شيء، وإنما أضيفت
هذه وما هو في معناها من الأسماء التي تقدم ذكرها إلى الاسم الذي اشتق منه
الفعل، وهو الحدث، وذلك أن ظروف الزمان إنما تذكر من أجل الأحداث الواقعة فيها، فتضاف إليها إذ هي أوقات لها.
وربما أضيفت إلى الحدث وليست بوقت له، لاتصالها بوقته، فتضاف إليه لتخصص وتعرف بالإضافة إليه، وإن لم يكن واقعا
فيها، نحو قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ)
فالليلة من ظروف الزمان، وقد أضيفت إلى الصيام وليس بواقع فيها فلما كان جائزاً في بعض الكلام أن يضاف الظرف إلى الاسم الذي هو الحدث - وإن لم يكن واقعا فيه - أضافوه إلى الفعل لفظاً، وهو مضاف إلى الحدث معنى، وأقحم لفظ الفعل إحرازاً للمعنى، وتحصينا
للغرض، ورفعا لشوائب الاحتمال، حتى إذا سمع المخاطب قولك:
" يوم قام زيد "، علم أنك تريد: اليوم الدي قام فيه زيد.
ولو قلت مكان قولك " ليلة الصيام "؟ ليلة صيام زيد، ما كان له معنى إلا وقوع الصيام في الليل.
فهذا الذي حملهم على إقحام لفظ الفعل عند إرادتهم إضافة الظروف إلى الأحداث، وقس على ذلك المبتدأ والخبر.
وأما (ريث) فبمنزلة الظرف وقد صارت في معناه.
وكذلك (حيث) و (ذي تسلم) لأن المعنى في قول بعضهم: " اذهب لوقت ذي تسلم "، أي: ذي سلامتك.
فلما حذفت المنعوت وأقمت النعت مقامه، أضفته إلى ما كنت تضيف إليه
المنعوت وهو الوقت هذا أحد قولي السيرافي، وهو عندي على الحكاية، حكوا قول الداعي " تسلم " كلما تقول: " تعيش " و " تبقى "، فقولهم: اذهب بذي تسلم، أي: اذهب بهذا القول مني، ولم يقولوا: اذهب بتسلم، لئلا يكون اقتصاراً على دعوة واحدة، ولكن قالوا: بذي تسلم، أي: بقول يقال فيه: " تسلم "، أو يجمع معانيه