فالجواب: أن التصغير هو تقليل أجزاء المصغر بخلاف الجمع، فهو مقابل لما
جمع على " فعالل " لأنه ضده، وقد زيد في جمع " فعالل " ألف ثالثة، فزيد في
التصغير " ياء " ثالثة في أضعاف الكلمة، ولم تكن آخراً مثل علامة التأنيث، لأن الزيادة في اللفظ إنما تكون على حسب الزيادة في المعنى، والصفة التي هي صغر الجسم لا يختص بجزء منه دون جز لخلاف صفة التأنيث فإنها مختصة في جميع الحيوانات بطرف يقع به الفرق بين الأنثى والذكر، فكانت العلامة في اللفظ (المنبئة عن معنى التأنيث طرفاً في اللفظ) .
بخلاف " الياء " في التصغير فإنها منبئة عن صفة واقعة على جملة المصغر، وكانت " ياء " ولم تكن ألفاً لأن الألف قد اختصت
بجمع التكثير، وكانت به أولى كما كانت الفتحة التي هي أختها بذلك أولى، لأن الفتح ينبئ عن الكثرة ويشار به إلى السعة، ولذلك تجد الأخرس والأعجم بطبعه إذا أخبر عن شيء كثير، فتح شفتيه، وباعد ما بين يديه.
وإذا كان الفتح ينبئ عن السعة والكثرة، فالضم الذي هو ضده ينبئ عن القلة والحقارة، ولذلك تجد المقلل للشيء يشير إليه بضم فم أو يد، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر الساعة التي في يوم الجمعة، وأشار بيده يقللها، لأنه ضم بين إبهامه وأصبعه - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا بين في الحكمة لمن تأمله، ونافع في التعليل لمن
حصله.
وأما " الواو " فلا معنى لها في التصغير لوجهين:
أحدهما: دخولها في درب من الجموع نحو " الفعول "، فلم يكونوا ليجعلوها
علامة في التصغير، فيلتبس التقليل بالتكثير.
والثاني: أنه لا بد من كسر ما بعد علامة التصغير إذا لم يكن حرف إعراب.
كما كسر ما بعد علامة التكثير في نحو " مفاعل "، ليتقابل اللفظان كما تقابل المعنيان.
وكثيراً ما تفعل العرب ذلك، توازن ما بين اللفظين، إذا كان معناهما