" ولا عمرو "، ولأن الواو مع لا الثانية تشعر بالأولى لا محالة، وتربط الكلام فيها، فلم يحتج إلى إعمالها، وبقيت الجملة عاملاً فيها الابتداء كما كانت قبل دخول " لا ".
فإن قلت: فإن لم تعطف على الجملة بحرف عطف وقلت: " لا زيد قائم ".
فما حكم لا؟
قلت: هذا لا يجوز، لأن " لا " ينفى بها في أكثر الكلام ما قبلها، تقول:
هل قام زيد؟ فيقال: لا.
وقال سبحانه: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) ، وليست " لا " هاهنا
نفياً لما بعدها، كما لو قلت: " ما أقسم "، ألا ترى أن " ما " لا تكون أبداً لا نفياً لما بعدها، فلذلك قالوا: " ما زيد قائم " ولم يخشوا توهم انقطاع الجملة عنها، ولو قالوا:
لا زيد قائم لخيف أن يتوهم أن الجملة موجبة وأن " لا " كنحو " ما " هي في
" لاأقسم " إلا أن تعطف فتقول: " لا زيد في الدار ولا عمرو "، وكذلك في النكرات نحو: (لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) إلا أنهم في النكرات قد أدخلوها على المبتدأ والخبر تشبيهاً لها بليس لأن النكرة أبعد في باب الابتداء من المعرفة، والمعرفة أشد استبداداً بأول الكلام.
وأما التي للتبرئة فللنحويين فيها اختلاف، أهي عاملة أم لا؟
فإن كانت عاملة فكما أعملوا " أن " حرصاً على إظهار تشبثها بالحديث، وإن
كانت غير عاملة - كما ذهب إليه سيبويه، والاسم بعدها مركب معها مبني على الفتح - فليس كلامنا في المبنيات.
وأما حروف النداء فعاملة في المنادى عند بعضهم.
والذي يظهر لي الآن أن (يا) تصويت بالمنادى، نحو " جوت "، و " ها "، ونحو ذلك، والمنادى منصوب بالقصد إليه وإلى ذكره، كما تقدم من قولنا في كل مقصود إلى ذكره مجرداً عن الإخبار عنه: أنه منصوب.
ويدلك على أن حرف النداء ليس بعامل وجود العمل في الاسم دونه
نحو: " صاحب زيد أقبل "، و (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) .
وإن كان مبنياً عندهم