" لا أدري أقام زيد أم قعد،) ، و: " علمت ليقومن زيد ".
ولكن لا تلغى هذه الأفعال القلبية حتى يذكر فاعلها في اللفظ أو في المعنى، فتكون حينئذ في موضع المفعول بالعلم.
* * *
فإذا ثبت هذا فسواء مبتدأ في اللفظ، و " على " أو " عليهم " مجرور في اللفظ.
وهو فاعل في المعنى المتضمن في مقصود الكلام، إذ قولك: " سواء على " في
معنى: " لا أبالي "، " وفي أبالي " فاعل، فذلك الضمير الفاعل هو المجرور
بـ على في المعنى، لأن الأمرين إِنما استويا عليك في عدم المبالاة، وإذا لم تبال بهما لم تلتفث بقلبك إليهما، وإذا لم تلتفت فكأنك قلت:
" لا أدري أقمت أم قعدت "، فلما صارت الجملة الاستفهامية في معنى المفعول بفعل من أفعال القلب، لم يلزم أن
يكون بها ضمير يعود على ما قبلها، إذ ليس قبلها في الحقيقة إلا معنى فعل يعمل فيها، وكيف يعود من المفعول فيه ضمير يعود على عامله؟
ولولا قولك: " على " و " عليهم " ما قوي ذلك المعنى، ولا عمل في الجملة.
ولكن لما تعلق الجار به صار في حكم المنطوق به، وصار المجرور هو الفاعل
في المعنى كالفاعل في " علمت " و " دريت " و " باليت " ونحو ذلك.
ألا ترى كيف صار المجرور في قولهم: " له صوت صوت غراب ".
بمنزلة الفاعل في " يصوت " حتى كأنك تصف، فنصبت " صوت غراب " لذلك.
وإذا قلت: " عليه نوح نوح الحمام "، رفعت: نوح الحمام لأن الضمير
المخفوض بـ على ليس هو الفاعل الذي ينوح، كما كان في مسألة
" له صوت صوت حمار ".
وكذلك المجرور في (سواء عليهم) هو الفاعل الذي في قولك: لا يبالون
ولا يلتفتون إذ المساواة إنما هي في عدم المبالاة والالتفات، والمتكلم لا يريد غير هذا بوجه، فصار الفاعل مذكوراً، والمبالاة مفعولة مقصودة، فوقعت الجملة الاستفهامية مفعولاً لها.
ونظير هذه المسألة - حذو النعل بالنعل - قوله تعالى: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ) .