الرافع للاسم المبتدأ كونه مخبراً عنه، لآن كل مخبر عنه مقدم في
الرتبة، فاستحق من الحركات أثقلها، لأن أوائل الألفاظ والكلام أولى بالثقل وأحمل له، ألا ترى أن الحذف والتغييرات إنما تلحق الأواخر تخفيفا.
ووجه آخر في استحقاق المخبر عنه الرفع، وذلك أنه أقوى حظاً في الحديث من المفعولات والمجرورات، فلما كان حظه من الخبر أقوى، كان أولى الحركات به أقواها، وقوة الضمة وثقلها معلوم بالحس وموجود بالضرورة، فاختيرث للمخبر عنه ليتشاكل اللفظ
المقول، والمعنى المنقول، كما تقدم فيما مضى من الأصول، فقد اشترك الفاعل والمبتدأ في استحقاق الرفع، إلا أن العامل في الفاعل لفظي فلا يدخل عليه ما يزيله، لأن العامل اللفظي أقوى من المعنوي، إذ هو متضمن اللفظ والمعنى جميعاً بخلاف المعنوي.