وتَأَيَّ إنَّك غَيْرُ صاغرْ
ومنه: تأييت بالمد، أي: تظاهرت حتى عرفت وميزت.
ومنه: إياك، وإياي، هما في المضمرات.
وقد أشار الخليل إلى أنه اسم ظاهر، فاشتقاقه مما تقدم، لأنه في أكثر الكلام مفعول مقدم، والمفعول إنما يتقدم على فعله قصداً إلى تعيينه، وحرصاً على تبيينه، وصرفا للوهم عن الذهاب إلى غيره
ولذلك لم يجز أن يتأخر عن الفعل في قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، إذ الكلام وارد في معرض الإخلاص وتحقيق الوحدانية ونفي عوارض
الأوهام عن الخلوص التام، ولهذا اختصت " أي " بنداء ما فيه " الألف واللام "، تمييزاً له وتعييناً، ولذاك صير بعض لفظها حرفا من حروف النداء في قولك: أي زيد، وتفسيراً لقولهم: عندي عهن، أي: صوف.
إلى غير ذلك من تصرفات هذا اللفظ.
وأما وقوع " أي " نعتاً لما قبلها، كقولك: مررت برجل أي رجل، فإنما تدرجت إلى الصلة من الاستفهام، كأن الأصل: أي رجل؟ على الاستفهام الذي يراد به التفخيم والتهويل، وإنما دخله التفخيم لأنهم يريدون إظهار العجز والإحاطة بوصفه، فكأنه مما يستفهم عنه إذ يجهل كنهه.
فأدخلوه في باب الاستفهام الذي هو موضوع لما يجهل، لذلك قال الله
سبحانه: (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) و (الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) .
أي: إنها لا يحاط بوصفها.
فلما ثبت هدا اللفظ في باب التفخيم والتعظيم للشيء قرب من النعت
والوصف، حتى أدخلوه في باب النعت، وأجروه في الإعراب ما قبله. ونظائر هذا فىِ كلامهم كثيرة.