الحذف؟ وذلك الحذف لا يجعله متضمناً لمعنى الحرف ولا مضارعاً له.
وهذه علة البناء وقد عدمت في أي!
وإنما المختار قول الخليل، لكن يحتاج إلى شرح، وذلك
أنه لم يرد بالحكاية ما سبق إلى الوهم من تقدير معنى القول، ولكنه أراد حكاية لفظ الاستفهام الذي هوأصل في " أي "، كما تحكيه بعد العلم إِذا قلت: قد علمت أخوك؟ و: أقام زيد أم قعد؟ فقد تركت الكلام على حاله قبل دخول الفعل، لبقاء معنى الاختصاص والتبيين في " أي " الذي كان موجوداً فيها وهي استفهام، لأن ذلك المعنى هو الذي وضعت له، استفهاماً كانت أو خبراً، كما حكوا لفظ النداء في قولهم: " اللهم، اغفر لي أيها الرجل " و " ارحمنا أيتها العصابة "، حكي لفظ هذا
إشعاراً بالتعيين والاختصاص الموجود في حال النداء.
وكذلك هذا، حكيت حاله في الاستفهام وإن ذهب الاستفهام، كما حكيت حاله في النداء وإن ذهب النداء، لوجود معنى الاختصاص والتعيين فيه.
وقول يونس: " إن الفعل ملغى " حق، وإن لم يكن من أفعال القلب.
وعلة إلغائه قد قدمناه من حكاية لفظ الاستفهام للاختصاص.
فإذا أتممت الصلة وقلت: ضربت أيهم هو أخوك، زالت مضارعة الاستفهام، وغلب عليه معنى الخبر، لوجود الصلة التامة بعده، وكان إلحاقه بالأسماء الموصولة أولى من تشبيهه بحال الاستفهام.
وأما قوله سبحانه وتعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) . وإجماعهم على أنها موصولة بـ " ينقلبون " لا بما قبلها.
وقد كان يتصور فيها أن تكون منصوبة بـ " يعلم " لا على جهة الاستفهام، ولكن تكون موصولة، والجملة صلتها، والعائد محذوف.
ولكن منع من هذا الوجه أصل قدمناه، ودليل أقمناه على أن الاسم الموصول إِذا عني به المصدر، ووصل بفعل مشتق من ذلك المصدر، لم يجز، لعدم الفائدة المطلوبة من الصلة، وهي إيضاح الموصول وتبيينه، والمصدر لا يوضح بفعله المشتق من لفظه، لأنه كأنه هو لفظاً ومعنى، إلا في المختلف الأنواع كما تقدم.