9 - على الرغم من أن عدد الذين ينتمون إلى الأصولية لا بأس به، وأن انتشارهم له قوة، لكن أصواتاً عديدة من النصارى واليهود، وقفوا ضد هذا الفكر، ربما لأنه نوعٌ من الصراع بين العلمانية والدينيين أو لأن هذا الفكر بانحرافه أثار حتى المفكرين المسيحيين، وقد يكون الأمران معاً، الأمر الذي أدى لوجود أصوات ومجالس وكنائس نصرانية وكذلك يهودية تجابه هذه النَّزعة.
10 - أن الفهم الحرفي المبتور للنصوص، غالباً ما يولد تطرّفاً، فلابد من أخذ النصوص متكاملةً، وفهمها فهماً شاملاً، وعدم ضرب بعضها ببعض، ثم التخير منها نصاً معيناً ليبني عليه فكر جديد.
وهذه المسألة لابد للدعاة أن يعوها، ويدركوها، ليستطيعوا تفسير كثيرٍ من الظواهر الجامحة التي نراها في الساحة الدعوية الإسلامية.
11 - والكاتب، اكتشف ذلك كله، كما حاول بجهده الخاص أن يفند الأفكار الرئيسية عند هذه الفئة، وأن يقدم ذلك للمسلمين في وجازة ووضوح، كما يحفز الهمم إلى مقاومة هذه النّزعة والتحصن ضد الأفكار الهدمية الوافدة من الغرب، وذلك بالرجوع إلى مصادر الدين الإسلامي، والتمسك بها.
12 - وكنتيجةٍ للدراسة أيضاً -فإني أوصي بما يلي:
أ) - هناك بعض المواضيع، لها صلةٌ كبيرة بموضوع الكتاب، وقد اكتفيت بالإلماح لها في ثناياه.
وأرى أن تفرد ببحوث خاصة تأخذ حقها من الدراسة لما لها من أهمية كبيرةٍ يمكن بيانها بالنقاط التالية:
1 - إذا نظرنا إلى الأحداث الجارية الآن في مختلف أنحاء العالم، وخاصةً المتصلة بالمسلمين والمسلطة عليهم -وهي غالباً- مثل حرب الخليج، والصومال، وليبيريا، وكشمير، والبوسنة والهرسك، وليبيا، وأحداث اليمن، وفي جنوب لبنان، وداخل فلسطين ... ، هل بينها ترابط؟ وهل هي تحقق شيئاً من تطلعات الأصولية الإنجيلية، أو تتفق مع منهجها؟ وهل يمكن اعتبارها إرهاصات وتمهيد وتهيؤ للمواجهة الشاملة التي يعد لها الأصوليون الإنجيليون؟ خاصةً وأن بعض منظري الأصولية يفسرون بعض الأماكن الواردة في سفر حزقيا -الإصحاح 38، 39 - بأسماء هي في الحقيقة مناطق توتر في العالم اليوم، نحو:
روش تعني الحبشة، وجومر يقولون إنها اليمن الجنوبية، وتوجرمة هي الأرمن، وبوت ليبيا، وفارس يراد بها إيران.
وهذه البلدان كلها في نظرهم ستنضم إلى جيش (أبناء الظلام) أو القوى الشريرة في مهاجمة إسرائيل (?).
أقول: إن هذا يحتاج لمزيد من البيان والتوضيح المدعّم بالحقائق والدراسة العلمية.
2 - أما وقد اقترب -كما يزعمون- المجيء الثاني للمسيح، وهذا كما هو معلوم -حسب عقيدتهم- تسبقه معركة هرمجدون، والسؤال الذي يحتاج إلى جواب هو:
ترتيبات السلام، ومعاهدات الصلح التي تجري الآن، هل يمكن اعتبارها لبنات في المشروع الصهيوني، وما يتصل به من أحداث؟
ب) - إن الأصوليين، وهم يدينون بمسيحية معبرنة، أهل كتاب وأصحاب عقيدة يؤمنون بها أشد الإيمان، ولهذا فإن الدخول معهم في جدل عقائدي، إن لم يكن غير مجدٍ، فإنه يستغرق وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، ونتيجته وثمرته محدودة جداً، أما جدالهم ومناقشتهم بما يتعلق بمسائل الشريعة، والنظم التي جاءت في العهدين القديم والجديد، فإنه يفحمهم، ويوقفهم، ويلجمهم، نظراً لضحالة التشريعات فيهما، وسطحية النظم الواردة هناك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،،
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.