آراء أبي الحسن السبكي الاعتقادية – عرض ونقد في ضوء عقيدة السلف الصالح

¤عجلان بن محمد العجلان£بدون¥دار كنوز أشبيليا – الرياض¨الأولى¢1430هـ€توحيد وعقيدة ومنهج¶ترجمة مفردة - دراسة شاملة أو جزئية

الخاتمة:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتبلغ الغايات، وترفع الدرجات، والصلاة والسلام على المبعوث بأكمل الرسالات، محمد بن عبد الله، عليه وعلى آله وصحبه أتم الصلاة أزكى التسليم، وبعد:

فقد حاولت في هذا البحث جمع شتات الآراء الاعتقادية لأبي الحسن السبكي، وعرضها على ميزان أهل السنة والجماعة، ولا أدَّعي فيه الكمال والإحاطة؛ ولكن حسبي أني بذلت فيه جهدي ومُكنتي، فإن أصبت فهو من الله وفضله وتوفيقه؛ فله الحمد والشكر، وإن إخطأت فأستغفر الله وأتوب إليه.

ويمكن إجمال أهم نتائج البحث، وتوصياته فيما يلي:

1 - يتضح تمشعر أبي الحسن السبكي من خلال موافقته للأشعرية في كثير من مسائل الاعتقاد، وكذا تصريحه بذلك، وكان للأحوال الاجتماعية والعلمية والظروف السياسية أثر في نشأته وتمذهبه العقدي.

2 - يظهر جلياً - من خلال عرض بعض آراء السبكي الاعتقادية - مقاربته لمنهج أهل السنة والجماعة في الجانب النظري، ومن ذلك: تورُّعه عن الخوض في علم الكلام، والحكم على المعين؛ إلا أن الأمر يختلف عند التطبيق، فقد وقع السبكي – عفا الله عنه – فيما حذر منه، وخاض في علم الكلام المذموم، ووقع في عرض شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، وجاوز القنطرة في اللعن والشتم، والتعريض بكفر الإمام ابن القيم!! ويستبين ذلك لمن قرأ كتابيه: (الدرة المضية في الرد على ابن تيمية)، والسيف الصقيل في الرد على ابن زفيل.

3 - ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى نفي نسبة كتاب (السيف الصقيل) عن أبي الحسن السبكي، وقد تقدم إثبات صحة نسبة الكتاب إليه من واقع الدلائل والشواهد التي تؤيد ذلك.

4 - تناقض أبي الحسن السبكي في بعض المسائل العقدية، واضطراب كلامه في مسائل أخرى؛ كإثبات بعض الصفات لله تعالى وتأويلها، وشد الرحال للقبور والتبرك بها.

5 - أظهر أبو الحسن السبكي – عفا الله عنه – بعض الشبهات التي تشبَّث بها المبتدعة بعده؛ كشبهة المجاز العقلي، والكسب والتسبب؛ لتسويغ التوسل والاستغاثة بالأموات.

6 - ردود أبي الحسن السبكي – عفا الله عنه – على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم – رحمهما الله – في مسائل الاعتقاد لا تستند لصحيح المنقول ولا صريح المعقول، وقد تكلف السبكي مشقة الرد عليها، وعثر السبكي في ذلك، ولم تفد تلك المصنفات قارئها سوى التسليم بأن (بين السبكي وابن تيمية بوناً كبيراً في العلم وقوة الاستدلال، وأن الثاني أعمل بمراحل).

7 - سلك السبكي سبيل الأشعرية من أهل الكلام، ووافقهم في كثير من مسائل الاعتقاد، ومن ذلك:

• في مصادر تلقِّي العقيدة ومنهج الاستدلال بها: وافق المتكلِّمين في عدم قبول خبر الآحاد في المسائل الاعتقادية.

• وافق الأشعرية والمتكلمين في تأويل بعض الصفات؛ كالاستواء والعلو والرحمة، وغيرها، والقول بأن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، وحلول الحوادث.

• في مسألة كلام الله تعالى: قال ببدعة الكلام النفسي؛ موافقاً للأشعرية في ذلك.

• موافقته للأشعرية في قولهم ببدعة الكسب، وفي مسألة التحسين والتقبيح، والحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى.

• ميله لمذهب المرجئة في باب الإيمان.

8 - خالف أبو الحسن السبكي الأشاعرة في بعض المسائل الاعتقادية – مع موافقته لهم في كثير منها -، ومن ذلك:

• صحة إيمان المقلِّد، وقد بين السبكي أن تارك النظر ليس بعاص؛ بل هو مطيع مؤمن؛ لأن الله لم يكلِّفه إلا الاعتقاد الجازم وقد حصل.

• أن الأنبياء معصومون من الذنوب كبيرها وصغيرها، وقوله بذلك راجع إلى عدم تفريقه بين الصغيرة والكبيرة؛ فالكل كبائر.

وأما التوصيات التي يمكن التأكيد عليها من خلال هذا البحث فتتمثل في أمرين:

1 - التوصية بدراسة الآراء الاعتقادية لأعلام المذاهب الفقهية، ونقدها وفق منهج أهل السنة والجماعة.

2 - إفراد بعض الدراسات في نقد الشبهات التي يدندن حولها أهل الأهواء والبدع؛ كشبهة المجاز العقلي، وغيرها، مما تفرَّق نقده في مصنفات أهل العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015