¤ناصر بن سليمان العمر£بدون دار العاصمة - الرياض¨الأولى¢1413هـ€تفسير¶دراسات قرآنية
الخاتمة
الحمد لله ابتداءً وانتهاءً، وله الشكر على تيسيره وإعانته وتوفيقه، لا أحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه جلَّ وعلا.
وأصلي وأسلم على خير خلقه، الرحمة المُهداة، والنعمة المجتباة، به أخرجت البشرية من الظلمات إلى النور، وعلى آله وأصحابه، خير القرون وسادة الأمم.
وبعد:
ففي نهاية هذا البحث، وخير ختام لفصوله ومباحثه، أذكر أهم ما توصلت إليه من نتائج، مع الإيجاز غير المخلّ، فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه:
1 - اتضح لي أهمية دراسة بعض القضايا القرآنية دراسة موضوعية، حيث تكشف لنا مثل تلك الدراسة عن جوانب مهمة، يصعب الوصول إليها عن طريق الدراسة التحليلية، وبخاصة إذا كانت هذه القضية من القضايا المستجدة والمرتبطة بواقع العصر كموضوع العهد والميثاق.
2 - علمنا أنّ كلمة العهد تطلق على عدة معاني، وما اشتق من مادة (وثق) يستعمل لأكثر من معنى، ولكن الغالب على استعمالهما ما اتفقا فيه، وهو اليمين والموثق والعهد المحكم، وتعلق الذمة بشيءٍ أو تعلقه بها فإذا أطلق أي منهما لم يكد ينصرف إلاَّ إلى ذلك، أمَّا المعاني الأخرى فلا يفسران بها إلاّ بقرينةٍ تدل عليها.
3 - ورد العهد والميثاق في القرآن الكريم في آيات كثيرة وبسور متعددة، وأكثر استعمالها في القرآن الكريم جاء بالمعنى الذي سبقت الإشارة إليه، وما سوى ذلك ورد في آياتٍ قليلة (?)، ومن هنا تدرك الأهمية العظمى لذلك المدلول، والأثر العظيم للالتزام به وخطورة نقضه والتفريط فيه، وكثرة ورودها في مواضع في القرآن الكريم، دليل على تلك الأهمية وذلك الأثر.
4 - عرضت قضية العهد والميثاق في القرآن الكريم بعدة أساليب، كلها تشدّ النفس وتوقض الحس وتحيي القلوب الميتة.
فأكثر الآيات عرضت بأسلوب خبري فيه الوعد والوعيد والترغيب والترهيب، نجد الإجمال والبيان، وإيجاز والتفصيل وإطناب، وهناك آيات جاءت بالأسلوب الطلبي فهذا أمر وذاك نهي، ومرة بصيغة الاستفهام الإنكاري، وأخرى بأسلوب الاستفهام التوبيخي.
ويقف الداعية أمام هذا الأسلوب ليتعلم أن عرض القضية جزء من ذاتها، ويحس بأننا بأمس الحاجة إلى الداعية الذي يحسن عرض دعوته، فكم من داعٍ خانه الأسلوب فنفر منه الناس.
والأمر ليس مجرد كمّ متراكم من النصوص يلقيها المعلم كيفما اتفق، بل عن البحث عن مداخل النفوس، وتحري منعطفاتها ومشاعرها مهمة سامية تتعلمها من القرآن الكريم في أسلوبه الرائع في عرض قضية العهد والميثاق، وليس المراد إقامة الحجة والبرهان فحسب، بل قبل ذلك الهداية هدف جليل وغاية مبتغاة يسعى إليها الدعاة والمصلحون.
5 - كما ورد العهد والميثاق في القرآن الكريم فقد ورد في السنة المطهَّرة، حيث وردت أحاديث صحيحة فيها لفظ العهد وأخرى فيها لفظ الميثاق، وهذا يعطينا دلالة أكيدة على أهمية العهد والميثاق ومدى العناية بهما، حيث كثر ورودهما في الكتاب والسنة، ولم يكن ذلك عبثاً أو حشواً واستطراداً، وحاشاهما من ذلك، ولكن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى (?).