كما حاول الباحث أن يصل إلى نتيجة أن ثقافة العولمة ما هي إلا اختراق للثقافات الأخرى عبر منافذ متعددة تؤدي في نهاية المطاف إلى تهميش وإقصاء كل صور الثقافات الأخرى – بل ربما سحقها وتدميرها – لمصلحة الثقافة الغالبة والمتجهة غالباً نحو الأمركة.

2 - مبحث: الثقافة والتكنولوجيا في عصر العولمة. تحت هذا المبحث حاول الباحث إلقاء الضوء على الدور الكبير الذي لعبته التقنيات الحديثة، ومنها على وجه التحديد: وسائل الإعلام بعمومها، مضافاً إليها وسائط الاتصال – المعلوماتية – في ضخ الثقافة المرغوب فيها.

ولاحظ الباحث أن استحواذ الغرب – وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية – على هذه المنجزات؛ صناعة وإنتاجاً، استغل من أجل بث ثقافة الغرب، وبالذات ذات الصبغة الأمريكية، من أجل تجسيد واقع العولمة الثقافي عبر منافذ الإعلام ووسائط الاتصال.

ويقترح الباحث هنا أن تسارع الدول الإسلامية إلى إيجاد هياكل إعلامية متميزة ونافذة قوية، واستخدام كل وسائل ووسائط التقنية الحديثة ذات مضامين إعلامية ومعلوماتية إسلامية من أجل الوقوف في وجه التحديات الثقافية الوافدة.

كما لاحظ الباحث أن الانسحاب الإسلامي من الساحة الإعلامية يعطي مساحة للآخر ولثقافته الغربية أن تحتل وتشغل هذا الفراغ؛ لذلك يقترح الباحث بأن تملأ الساحة الإعلامية بمضامين إعلامية إسلامية وقائية ودعوية وتثقيفية، كما يقترح الباحث أن تقوم مؤسسات إعلام إسلامية ببث دعوة الإسلام وثقافة الإسلام ومميزات الإسلام إلى العالم الغربي والشرقي، وذلك بإنشاء قنوات إسلامية تستخدم لغات مختلفة، وبالذات منها اللغات الأوروبية وغيرها، حتى لا يكون الإعلام العربي في لغته كمن يخاطب نفسه، والآخر لا يعلم شيئاً عما يقول هذا.

3 - مبحث: قنوات العولمة الثقافية. حاول الباحث معرفة السبل والطرق التي تتخذ باسم المؤتمرات والندوات، وتستظل تحت سقف بعض المنظمات العالمية الكبرى، والتي يتم خلالها رسم الصورة النظرية لظاهرة العولمة؛ لتتولى بعد ذلك آليات العولمة التي سبق الحديث عنها مهمة التنفيذ لما صدر عن هذه المؤتمرات التي تعقد تحت مسميات مختلفة الهدف، منها: اختراق الثقافات الخاصة، وفك الثوابت الراسخة، ومن ثم إعادة صياغة ذلك صياغة تخدم منطق العولمة الداعي إلى التوحد والتجانس والتسويق لكل شيء، من غير وجود حواجز شرعية أو أخلاقية أو حدود سياسية أو جغرافية، أو أنظمة جمركية ...

وهنا يقترح الباحث أن تعقد مؤتمرات إسلامية فاعلة ومؤثرة، لاسيما وأن العالم الإسلامي بأعداده الهائلة، وبإمكاناته الاقتصادية، وبموقعه الجغرافي، يستطيع أن يؤثر في مجريات الأحداث الدولية متى ما خلصت النوايا وصلح العمل. وأن تستغل هذه القنوات الثقافية من مؤتمرات ولقاءات وندوات عالمية من أجل إسماع الآخرين صوت الإسلام بجرأة وفاعلية، وعرض النموذج الإسلامي بشموله عرضاً يبرز محاسنه وخصائصه, ومدى حاجة البشرية إليه، وذلك من باب الإعذار والإنذار، امتثالاً لقول الحق جل وعلا: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 164].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015