¤علي بن عبدالعزيز الشبل£بدون¥جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض¨بدون¢1420هـ€أديان¶وثنية
الخاتمة: الحمد لله، وبعد هذه الرحلة مع الوثنية اليونانية القديمة يحسن أن أختم الموضوع بخلاصة لأهم النتائج التي بدت لي من خلال الموضوع:
أولها: أننا نحمد الله وحده لا شريك له على أن هدانا إلى أحسن دين، وأنزل علينا أفضل كتاب، وأرسل إلينا خير رسول، فلم نتخبط في الوثنية والهوى والشرك والإلحاد، بل عرفنا أسمى ما طلب منا ومن غيرنا ألا وهو توحيده سبحانه بتجريد التوجه والالتجاء والعبادة له وحده دون سواه، ولم يكلنا إلى أنفسنا، أو يتركنا هملاً أو ينشئنا على غير هداه، بل تكرم وتفضل فأنشأنا في بيئة التوحيد والإيمان، ختم الله لنا عليه آمين.
وثانيا: رأينا كيف أن الشياطين استهوت أولئك الأقوام حتى أخرجتهم من سلامة الفطرة السوية إلى الإلحاد والخرافة والوثنية.
وثالثاً: كيف أن اعتقاد تعدد الآلهة – مع سقوطه في ميزان العقل فضلاً عن الشرع – أصبح مفخرة لأولئك الأمم ولمن جاء بعدهم ممن يمجدهم أو ينتسب إليهم لاسيما الحضارة الأوربية الحديثة، وكيف أنهم صوروا آلهتهم بتلك الصورة الوضعية والتي لا تناسب أشراف الناس فضلاً عن بقية المخلوقات من الملائكة فكيف بذات الله عز وجل.
وكيف أن النصرانية المحرفة بل واليهودية المبدلة قبلتا التأثر بعقائد أولئك الوثنيين دونما رادع من علم أو دين أو عقل، فمن مقل في ذلك منهم ومستكثر، وقوفاً على سنن الله تعالى كما قال تعالى في أول فاطر: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون}. وأيضاً رأينا كيف أن الإفراد في تصور الآلهة في العقل يؤدي إلى تلك الصورة البشعة والدنيئة التي جعلت اليونانية بها معبوداتها.
ورابعاً: أنه من آثار القوم في بلاد المسلمين، ما جلبه علينا المغرضون من بذر الخلاف بين المسلمين، وإحداث البدع والضلالة فيهم حتى وجد بين أهل الإسلام بدع كفرية، تمثلت في كثير من الفرق والمقالات والمناهج كالفلسفة، والباطنية، والجهمية، والرافضة، وغلاة التصوف، وفروع كل منها. ورم بنا أن أشهر الفرق الإسلامية التي تأثرت تأثراً جلياً بالوثنية اليونانية من خلال أبعادها المتعددة:
1 - الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام ومن أشهرهم الفارابي وابن سينا.
2 - الباطنيون بمختلف ألقابهم.
3 - غلاة التصوف أو الغنوصية.
4 - الجهمية والمعتزلة، وما تفرع منهما أو تأثر بهما من فرق الكلاميين.
وخامساً: ما نراه ونسمع به من آثار القوم مما يسمى بالدورة الأولمبية أو دورة الألعاب الأولمبية، والتي هي امتداد لأعياد الوثنيين ومناسباتهم الدينية، وأيضاً الثعبان الملتوي على كأس والذي أضحى علماً على الصيدليات، وربما المستشفيات الصغيرة والكبيرة.
وسادساً: يجب التنبيه والتحذير من السفر إلى تلك البلاد، لأنه ما زالت باقية معالم تلك الأمة الوثنية، في معابدها وملاعبها وتماثيل آلهتها ومساكنها ومواطن أعيادها، كما أن المتأخرين منهم قد اعتنوا بذلك وعدوه تراثاً وآثارا مهمة لهم فحفظوها في متاحفهم وأماكن خاصة، ليرتادها الناس لاسيما السياح منهم – حيث بلاد اليونان من أكبر مراكز الاستقطاب السياحي في العالم – ولو لم يكن في ذلك إلا الحذر من قوله صلى الله عليه وسلم في أمثالهم قوم ثمود كما في الصحيح: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين بأن يصيبكم ما أصابهم).
هذا فضلاً عن حماية جانب العقيدة وكمالها من ضدها وضد كمالها الواجب، من أن يتطرق إليه شيء من آثارها أو تعظيمهم والإشادة بهم واعتقاد تقدمهم ومعرفتهم، نسأل الله العفو والعافية. ثم أنه لو لم يكن من ثمرات الموضوع ونتائجه المهمة إلا معرفة هذا الشر الذي انغمس فيه القوم، وانتقل بعدهم إلى من تأثر بهم بصور متنوعة. أقول لو لم يكن إلا معرفة هذا الشر والحذر والتحذير منه لكفى وشفى، لما في الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – قال: كان الناس يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه ... الحديث. وبعد: فـ (الحمد لله الذي هدانا وما كانا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق) حمداً وثناءً على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الإسلام لنا ديناً، حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده