¤محمد بن عبد الهادي الشيباني£بدون دار البيارق - الأردن¨الأولى¢بدون€تاريخ¶تاريخ - وقائع منوعة وأحداث متفرقة
الخاتمة
لعل هذه الدراسة التي تناولت يزيد بن معاوية وبيعته وموقفه من المعارضة، تطمح إلى تقديم صورةٍ متكاملة الإطار التاريخي لتلك الفترة السياسية الحرجة.
فيزيد بن معاوية شخصيةٌ طال حولها الجدل، فقد حامت حول شخصيته شبهات كثيرة، واختلفت وجهات النظر فيه وفي خلافته، فانبرى البعض للدفاع عنه، وانبرى البعض الآخر لاتهامه بشتى الاتهامات، فمسخ شخصيته، وشوه العهد الذي تولى فيه خلافة المسلمين.
وعندما عايشت هذا البحث مدَّةً طويلة -حوالي الأربع سنوات- وجدت أن كثيراً من الاتهامات تتهافت أمام النقد والبحث العلمي، استناداً إلى الأسانيد الصحيحة التي وصلت إليها عن تلك الفترة.
ولعل أهم النتائج التي توصل إليها البحث:
أولاً: فيما يتعلق ببيعة يزيد بن معاوية:
لقد تبين من خلال دراسة الروايات التي وردت بشأن علاقة المغيرة بن شعبة ببيعة يزيد، أنه لم يكن هو المتسبب الرئيسي في حمل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه على التفكير الجدي ببيعة ولده يزيد.
ولقد جاءت الروايات التي تبرز دور المغيرة بن شعبة في حمل معاوية على مبايعة ولده يزيد، نتيجة لحرص المغيرة على الرجوع مرةً ثانيةً لولاية الكوفة. وقد حقق له معاوية هذه الأمنية في مقابل أن يهيئ الرأي العام في الكوفة لتقبل بيعة يزيد بولاية العهد -على حسب سياق الرواية-.
وتتبدد هذه الرواية التي لم يكتب لها إسنادٌ موثق، أمام إحدى الروايات الصحيحة التي أكَّدت على أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قد تم عزله بالفعل، وتلوى زياد بن أبي سفيان إمارة الكوفةِ بدلاً منه.
وأضحت كل الدراسات التي تناولت بيعة يزيد بن معاوية وألقت باللائمة في ذلك على الصحابي الجليل: المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، في وضعٍ يحتاج فيه إلى تعديل يتفق مع النتائج الصحيحة التي توصل إليها البحث في هذا الموضع، وفي غيره من المواضع الأخرى.
ومن النتائج المهمة التي توصل إليها البحث: التحديد الدقيق لوفاة سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، والحسن بن علي رضي الله عنهم، وبالتالي فإن البيعة ليزيد بولاية العهد إنما جاءت بعد رحيل هؤلاء الصحابة الأجلاء.
ومن النتائج المهمة أيضاً: التوصل إلى دحض تلك الافتراءات التي ربطت بين وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والحسن بن علي -رضي الله عنهم-، وبين أخذ البيعة ليزيد بن معاوية. وذلك بعد إخضاع تلك الروايات -التي تزعم تورط معاوية رضي الله عنهما بدس السم لهما حتى تخلو الساحة من المعارضين لبيعة يزيد- إلى دراسةٍ نقديةٍ تحليلية، أظهرت كذب تلك الاتهامات، وبينت أنها ناتجة عن دوافع حزبية بغيضة.
كما أظهرت الدراسة: أن البنود الرئيسية لاتفاقية الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان، لم تتضمن النص على تعيين الحسن بن علي خليفةً للمسلمين بعد وفاة معاوية -رضي الله عنه-.
ومن النتائج المهمة: أن الكيفية التي بايع بها أهل الحجاز ليزيد بن معاوية كانت واضحةً لا لبس فيها، وأن الرواية التي ذكرت أن بيعة أهل الحجاز ليزيد بن معاوية أخذت منهم والسيوف مصلتةٌ على رؤوس الصحابة -رضي الله عنهم- رواية ضعيفة جداً لا يمكن أن تعارض الروايات الصحيحة التي أوضحت كيفية أخذ البيعة ليزيد بن معاوية.
ومن الأمور الجديرة بالملاحظة، وهو أن المعارضة ليزيد بن معاوية لم تكن بتلك الصورة التي صورتها بعض الروايات، ولقد بولغ في إظهار يزيد على أنه شخصية تجمع كل الأطراف على عدم رضاها عن توليه الخلافة من بعد أبيه.