¤دلال بنت مخلد الحربي£بدون¥مكتبة العبيكان - الرياض¨الأولى¢1417هـ€سياسة عالمية¶علاقات عربية وإسلامية ودولية
الخاتمة
حاولنا جهدنا تتبع تطور العلاقات اللحجية – البريطانية وتحليل مادتها التاريخية في الفترة من 1337هـ/1918م إلى عام 1378هـ/1959م في إطار المنهج التاريخي والمنهج التحليلي، وقد اعتمدنا بصفةٍ أساسية على الدمج بينهما.
وأوضحنا كيف أقامت بريطانيا علاقة مباشرة مع سلطة لحج منذ أن سيطرت على مينائها (عدن) في عام 1254هـ/1839م، وما اتسمت به هذه العلاقة من تفرد الأمر الذي أضفى على لحج أهميةً سياسيةٍ عدا أهميتها الاقتصادية، وجعلها تتبوأ مكاناً رفيعاً على مستوى المحمية بأكملها، واستمرت هذه العلاقة تنمو باضطراد جيد إلى أن تبنت سلطنة لحج قضية مقاومة الاستعمار البريطاني في الجنوب العربي، لتكون هي ذاتها وراء زعزعة الاستقرار البريطاني في عدن، ولتدق مسماراً في نعشه مثلما كانت في يومٍ ما وراء استقراره واستمراريته.
ولعل أهم النتائج المستخلصة من هذه الدراسة (من وجهة نظرنا) تكمن فيما يأتي:
أولاً: فيما يتعلق بسلطنة لحج:
1 - أثبت البحث أن سلطنة العبادل (سلطنة لحج بعد ذلك) تعد من أقدم الكيانات السياسية التي تأسست في جنوب شبه الجزيرة العربية بانفصالها عن حكم الأئمة الزيود في اليمن منذ أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، وحافظت على استقلالها بتدعيم كيانها على أسس داخلية وخارجية، تمثلت الأسس الداخلية في تحويلها من مشيخة إلى سلطنة، وجعل الحكم وراثياً في أسرة مؤسسها فضل بن علي العبدلي، وانتخابي بإشراك القبائل البارزة وذوي النفوذ الديني مثل قبيلتي العزيبة والسلامي ومنصب الوهط في الهيئة الانتخابية التقليدية من أجل استقطابهم وكسب دعمهم المعنوي المؤثر على بقية قبائل السلطنة، أما الأسس الخارجية فتمثلت في إقامة علاقة حسن جوار مع القبائل القاطنة حولها عن طريق التبادل الاقتصادي والتجاري أو عن طريق المصاهرة (خاصةً مع قبائل يافع).
2 - كشف البحث عن عمق التجربة السياسية الخارجية لدى سلاطين العبادل رغم محدوديتها، ورغم موقع بلادهم وظروفها، إلا أنهم تفهموا بالحس السياسي كيفية التعامل مع القوى الأوروبية والغسلامية المتصارعة على منطقتهم (ميناء عدن)، بدءاً بالسلطان أحمد عبدالكريم وانتهاءً بالسلطان علي بن أحمد الذي رفض الانصياع لدعوة العثمانيين في التوجه إليهم خلال الحرب العالمية الأولى، وإن كان قد فقد حياته وبلاده لتخاذل البريطانيين عن نصرته ومساعدته.
3 - أثبت البحث أن سلطنة لحج ظلت حجر الزاوية في السياسة البريطانية في المحمية منذ أن بدأ النفوذ البريطاني يتغلغل فيها بعامة ويتأكد في عدن بخاصة، وأنها (أي لحج) أسهمت إسهاماً فاعلاً في استقرار النفوذ البريطاني في عدن، حيث كانت ظهيراً مخلصاً للبريطانيين، وعن طريقها (عندما التقت مصلحة الطرفين) عمقت الاستعمار البريطاني في إمارات الجنوب العربي.
4 - أبرز البحث دور سلطنة لحج في الحرب العالمية الأولى، والجهود التي بذلها سلطانها علي بن أحمد للدعاية للبريطانيين في المحمية لمواجهة الدعاية المضادة التي كان يبثها العثمانيون، ورغم مصداقية السلطان علي في تعامله مع البريطانيين إلا أنهم (أي البريطانيين) جعلوا من بلاده كبش فداء لحماية عدن من التقدم العثماني.