القواعد الشرعية لإدارة الصراع الحضاري بين الأمة الإسلامية وسواها من الأمم

¤سامي محمد الدلال£بدون¥المركز العربي للدارسات الإنسانية - مصر¨الأولى¢1429هـ€سياسة شرعية¶دراسات إسلامية

الخاتمة:

إن الصراع الحضاري الذي يخوضه المسلمون اليوم هو علامة فارقة في التاريخ البشري، وهو صراع مفروض عليهم، ولا مندوحة أمامهم سوى خوض غماره والسيطرة على مفاصله.

إن الحملة الصهيونية اليهودية والنصرانية قد رفعت شعارات فارقة لهذا الصراع. فهاهم اليهود يحتمون بمتراس (مناقضة السامية)؛ ليمرروا خدعتهم على عقول الغربيين ويبتزونهم بخرافة الهولوكوست، ويخططون لهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه، واعتبار القدس عاصمتهم، ويحتقرون العرب والمسلمين علانية، ممتطين صهوة جميع وسائل الإعلام.

فها هو ذا عوبيديا يوسف، كبير الحاخامات اليهود الشرقيين يصرح بملء فمه على شاشات التلفزة (أن العرب أفاع ولا يؤمن جانبهم، وأن الله ندم على خلقهم، وعلى هذا يجب معاملتهم).

ويقول موسى بن ميمون، وهو من أعلام اليهودية الحاخامية في القرن الثاني عشر عن الأتراك والزنوج: (هؤلاء يعدون مثل حيوانات غير عاقلة، فأنا لا أصنفهم في مستوى البشر؛ إذ إنهم من بين الكائنات الحية صنف أدنى من البشر وأعلى من القرد، بما أن لديهم وجه وملامح الإنسان وفطنة أعلى من القرد).

وها هو البابا بندكيت السادس عشر يستشهد في محاضرة له بالإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني عندما قال لمثقف فارسي: (أرني ما الذي جاء به محمد، لن تجد إلا أشياء شريرة غير إنسانية).

وها هو بوش ومجموعة من المحافظين الجدد لا يزال يشن حملته العسكرية على العالم الإسلامي بحجة محاربة الإرهاب، متجاهلاً أن الولايات المتحدة هي أكبر دولة إرهابية شهدها التاريخ، حيث لا يزال جبينها ملطخاً بما أفرزته قنابلها النووية على هيروشيما ونجزاكي في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية من دمار ووحشية، ولا تزال أياديها ملطخة بدماء الشعوب الإسلامية (أفغانستان والعراق والصومال وفلسطين – بالوكالة -) وغير الإسلامية (كوريا وفيتنام واليابان وغيرها).

بالإضافة إلى ذلك فإن المسلمين اليوم يخوضون صراعهم الحضاري في أكناف ثورة هائلة من المعلومات والتقنيات التي جعلت العالم جزيرة واحدة، بما يزيد التحديات أمامهم للمحافظة على هويتهم وخصوصيتهم.

إن في العالم الإسلامي اليوم جوانب مشرقة كثيرة تنبئ بمستقبل عظيم في السلم الحضاري العالمي، ومن أبرز تلك الجوانب الصحوة الإسلامية المعاصرة التي وإن كانت تتسم ببعض السلبيات، سيكون لها أثر بالغ في إعادة المسلمين إلى تفهم دينهم والاعتزاز به والذود عن حياضه.

إن دراسة المناط الذي ذكرته بين يدي الحديث عن القواعد الشرعية، وكذا التمعن بالقواعد الشرعية التي ذكرتها، والتقيد بها والانضباط بتوجيهاتها سيكون خير مرشد ودليل لإنارة سبيل الدعوة إلى الله تعالى.

إن الطريق لا يزال طويلاً، ونحن في بداياته، وفيه كثير من المعوقات والمثبطات، وتتناثر على مدرجه الحفر تارة والصخور الصماء الصلب تارة، فلابد من التحلي بالصبر والأناة وبعد النظر والتخطيط السليم والتقويم المرحلي الشامل والعام، وتقبل النصائح والبعد عن الغلو والتعصب والتسرع والطيش، وإعطاء كل ميدان من ميادين الدعوة مستحقه، إن كان ميدان جهاد، أو ميدان اقتصاد، أو ميدان ثقافة وفكر، أو ميدان اجتماع وإدارة، أو ميدان قضاء وعمارة، أو ميدان سياسة وحكم، وإحاطة كل ذلك بما يليق به من العلم الشرعي والخلق الإسلامي، واستبصار المآلات وتقدير ردود الأفعال وطبيعتها وعنفها، مع الحرص على توحيد الكلمة ورص الصفوف، وأن يكون جميع ذلك في بوتقة توحيد الله تعالى ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً، من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015