16 – يشترك جميع المواطنين في بناء الدولة وتحقيق الرفاهية العامة من خلال التزامات مالية ومعنوية مع التنوع فيما تغلب عليه الصفة الدينية فالمواطنون المسلمون هم المسئولون أساسا عن حماية المواطنين والدفاع عن الوطن بموجب وجوب الجهاد، وإنما يشارك القادرون على القتال فقط من المواطنين غير المسلمين سواء على نحو غير مباشر بدفع قدر يسير من المال بدل الحماية، أو على نحو مباشر بالانضمام في القوات الأمنية دفاعا عن الوطن وحماية للأمن لا جهادا. وعلى المسلمين إخراج زكاة أموالهم النامية بشروطها التي تراعي عدم الإجحاف بأرباب الأموال وعدم الحيف بحق الفقراء. وعلى غير المسلمين دفع الخراج؛ أي ضريبة الثروة الزراعية في مقابل العشر على المسلمين، ويستوي الجميع في سائر الالتزامات المالية التي لا تغلب عليها الصفة الدينية كجمارك ورسوم.

17 – وكل دولة غير إسلامية توصف بالدولة الواقعية سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة؛ وذلك لعدم انبناء خططها وسياستها على هدى من شريعة الله تبارك وتعالى، من خلال نصوصها ومبادئها العامة واعتبارات إسلامية في تقدير المصالح. والوضع الغالب في الدول الواقعية كالآتي: في الدول التي تحت سلطان المسلمين تقرر دستوريا كفالة حقوق جميع المواطنين على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص بما فيها حرية العقيدة والعبادات في إطار النظام القائم، ولشمولية الحياة الدينية والعبادة في الإسلام يواجه المسلمون الحدود النسبية التي فرضها الحكام حسب سياستهم. وفي الدول ذات أغلبيات مسلمة يحكمها أقليات غير مسلمة تتعرض الأغلبية المسلمة للحرمان من الحقوق حتى من توفر الأمن على حياتهم كمسلمين، حيث سياسة الحكومة المعادية للإسلام والرامية إلى القضاء على المسلمين، أو تحجيمهم على افضل تقدير. ومما يزيد الطين بلة تحالف الطوائف غير المسلمة فيها على المسلمين في كثير من الأحيان، وفي الدول التي تحكمها أغلبيات غير مسلمة تميل معاملتها للأقليات على وجه العموم إلى التفرقة، غير أن نصيب الأقليات المسلمة أسوأ من غيرها حيث التشريد والحرمان مع التفاوت في الشدة بهذا الترتيب التصاعدي: دول ذات أغلبيات كتابية – دول ذات أغلبيات وثنية – دول ذات أغلبيات شيوعية. ومن الملحوظ ان لسبق تعاون الدول مع بعض المستعمرين الغربيين على المسلمين دخل في سوء معاملتها للأقليات المسلمة. وأن التعايش السلمي بين الأقليات الموجودة متحقق على وجه معقول، على أن التعايش بين الأقليات الكتابية والمسلمة أفضل منه بين الأقليات الوثنية والمسلمة.

18 – من حيث الشكلية وضعت الدول الواقعية بعض النصوص التشريعية المتمثلة في الدستور أو القانون كضمان لحقوق المواطنين، وبالخصوص ما يتعلق بحرية العقيدة والعبادة، ولكن مصداقية هذا الضمان التشريعي وفعاليته يتوقفان على مدى التزام الدولة بتشريعاتها، من خلال سياستها التنفيذية والسلطة القضائية. كما أن للبعد الإيماني دخل في ذلك؛ ففي الدول الشيوعية كانت ضمانات حقوق المواطنين من أصحاب الديانات – وبالخصوص المسلمون – معدومة لإلحادها وسياستها المبنية على الخدعة وتبرير الوسيلة. وفي الدول التي تتبنى النظام الديمقراطي يبدو هذا الضمان ماثلا إلى حد ما مع التفاوت حسب موقف حكوماتها من التسامح الديني. وكان ضمان حرية العقيدة والعبادة أقوى في الدول التي يحكمها المسلمون منه في الدول الأخرى؛ حيث وضع في ذلك اعتبار ديني فوق اعتبار سياسي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015