سابعاً: تنفيذ الخروج على حكام الجور والظلم يستلزم توافر شروط في الخارجين وشروط في المخروج عليهم، وكذلك اكتمال الظروف الأخرى التي تهيئ المجال لنجاح ذلك الخروج بحيث لا يؤدي ذلك الخروج إلى مضار تربوا على المصالح العامة للأمة، ومن أهم الشروط الواجب توافرها في الخارجين ما يلي:
1 - أن يكون الخروج بقيادة أهل الحل والعقد من العلماء ورؤساء الجند وسائر الزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة ولا يدخل في هذا الصنف من أفسدهم الحاكم ليكونوا أعواناً له في استبداد وظلم الأمة فأهل الحل والعقد هم الذين يقدرون مصالح الأمة ويسعون لتحقيقها ويضحون من أجل الحق ويتصفون بالتقوى والصلاح وحسن الرأي والإخلاص والحرص على ما ينفع الناس، ولا يصح أن يكون هؤلاء الخارجون من الجهلة وغوغاء المجتمع الذي لا تجد منه الأمة سوى الفوضى والاضطراب في الأحوال وزيادة في الظلم والجور.
2 - أن يكون الخارجون قد استنفدوا كل الوسائل والطرق السلمية في محاولتهم لتقويم الوضع وإصلاح الحاكم.
3 - عدم الإقدام على تنفيذ الخروج إلا بعد الموازنة الدقيقة بين الضرر القائم والضرر المتوقع فإذا كان الضرر المتوقع أكثر فإنه لا يجوز الخروج لأنه مفسدته أكثر من مصلحته.
4 - لنجاح الخروج نجاحاً تامّاً لابد من إحكام خطة مدروسة وناجحة ترتكز على أهداف واضحة وتتخذ الأساليب المناسبة المتكافئة وتبين الآراء وفق قاعدة الشورى على أن تتضمن أهداف الخروج على مبادئ الشريعة الإسلامية كالمحافظة على إقامة الحدود وإصلاح الفساد وإقامة العدل بين الناس.
ثامناً: إذا فشل الخارجون ولم يتمكنوا من إزاحة الحاكم الجائر عن الحكم يصبح حكمهم في نظر هذا الحاكم بغاة وينطبق عليهم حكم البغي والبغاة وإن كانت أهدافهم ليست كأهداف البغاة ولكن لا توجد أحكام في الشريعة الإسلامية غير ذلك وطبقاً للقواعد الشرعية والإسلامية كما هو واضح في قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات: 99].
ولم يفرق الفقهاء بين البغاة والخوارج فأحكام البغاة هي أحكام الخوارج وإن قال البعض أن البغاة هم الخوارج على الإمام العادل والخوارج هم الذين يرون أن كل ذنب صغير أو كبير كفر ولكن حكم هؤلاء هو حكم البغاة.
تاسعاً: إذا نجح الخارجون وعزلوا الحاكم الجائر فإنه يتطلب منهم بذل الجهود الكبيرة في إصلاح الأوضاع وإعادة بناء المجتمع وفق منهج الشرع لأن الظلم الذي ساده في فترة حكم السلطان الجائر قد أفسد المجتمع ويحتاج إلى إصلاح ما أفسده وعلى وجه التحديد القيام بما يلي:
1 - بث روح الإخاء والمحبة والتسامح بين أفراد المجتمع وكان هذا هو أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة وقبل أن يؤسس الدولة قام بهذا العمل الذي هو الجسر الأساس الذي يبنى عليه كيان الدولة وبه تنطلق الأمة إلى ميادين الحياة والعمل والإنتاج، لأن المجتمع الذي لا تسوده هذه المعاني والقيم ويشيع فيه روح التباغض والتناحر والكراهية لا يمكن أن ينطلق نحو البناء والتقدم والأمن والاستقرار.