اعتبار مآلات الأفعال وأثرها الفقهي

¤وليد بن علي الحسين£بدون¥دار التدمرية - الرياض¨الأولى¢1429هـ€أصول فقه¶أصول فقه - أعمال منوعة

خاتمة البحث:

بعد رحلة ماتعة قضيتها بين رفوف المكتبات, وصفحات الكتب, ومفردات البحث, ومسودات الورق أصل, إلى نهاية المطاف, فأضع الترحال, في ختام البحث, موجزاً فيها أهم النقاط التي توصلت إليها بالآتي:

أولاً: يقصد باعتبار مآلات الأفعال الاعتداد بما تفضي إليه الأحكام عند تطبيقها بما يوافق مقاصد التشريع، ويعتبر الإمام الشاطبي أول من ذكر هذا المصطلح، ولعل السبب في عدم ذكر المصطلح قبل الإمام الشاطبي هو كونها قاعدة مقاصدية، واكتفاءً بذكر القواعد الأصولية المبنية على اعتبار المآلات والتي تمثل الجانب التطبيقي للقاعدة، وللفظ المآلات صلة بلفظ المسببات فهو لفظ مرادف، ومما يتصل بها أيضاً لفظ الوسائل حيث ينظر فيها إلى المآلات التي تفضي إليها من حيث تحقيقها لمقاصد التشريع لكنها, أخص لشمولية مصطلح المآلات.

ثانياً: كان ظهور قاعدة اعتبار المآلات ونشأتها من الجانب التطبيقي, فقد ورد اعتبار المآلات في الأحكام الواردة في القرآن الكريم, والسنة النبوية, وآثار الصحابة، واعتبرها الفقهاء في تطبيقاتهم، ويعتبر المذهب المالكي أسبق المذاهب الفقهية في تأصيل القاعدة, وأوسعهم عملاً بها, فقد توسعوا في الاستدلال بالقواعد المآلية، ويليه المذهب الحنبلي ثم المذهب الحنفي ثم المذهب الشافعي.

ثالثاً: تنوعت الأدلة الدالة على اعتبار مآلات الأفعال من القرآن الكريم, والسنة النبوية, وآثار الصحابة، وقد تضافرت بمجموعها ومدلولاتها المتنوعة في الدلالة على قطعية اعتبار المآلات، وإذا ثبت اعتبار الشارع للمآلات فيجب على المجتهد اعتبارها؛ لأنه النائب عن الشرع في الحكم على أفعال المكلفين, وتنزيل الأحكام وتطبيقها، لاسيما في هذا الزمان الذي تتسارع فيه المتغيرات, وتتبدل الأحوال والأزمان وتتجدد الوقائع.

رابعاً: تتفرع قاعدة مآلات الأفعال عن قاعدة اعتبار المصالح في الأحكام، وتعدُ قاعدةً مقاصدية فهي جزء من مقاصد التشريع ومتفرعة عنها ومبنية عليها فالقواعد المآلية هي قواعد مقاصدية ولهذا يقترن كثيراً ذكر مآلات الأفعال بمقاصد التشريع.

خامساً: يهدف اعتبار المآلات إلى تحقيق مقاصد التشريع في الأفعال ووقوعها موافقة لمقصود الشارع بها في الظاهر والباطن, وعدم مناقضتها في القصد أو المآل، حتى يكون قصد المكلف من الفعل والأثر المترتب عليه موافقاً لقصد الشارع، فلا يقصد المكلف بالفعل غير ما قصده الشارع به، كأن يقصد به التحيل على الأحكام أو المضارة بالغير، أو يفضي الفعل إلى نقيض ما قصد به شرعاً، وبهذا تسد ذرائع الحيل، وتدفع المفاسد قبل وقوعها، ويتحقق العدل الذي جاءت الشريعة به، ومن حكم ذلك أيضاً المحافظة على الغايات والمصالح المقصودة من التشريع، ووقاية مصالح المجتمع، كما يتبين بذلك واقعية الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، ومراعاتها للحالات الاستثنائية، فقد كثر في الشريعة اعتبار حاجات المكلفين, والأحوال الطارئة, والاستثنائية، وعدم اعتبار المآلات قد يفضي إلى مناقضة مقاصد الشرع، وفوات المصالح المقصودة شرعاً أو حدوث مفاسد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015