¤إبراهيم بن محمد عمير المدخلي£بدون¥الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة¨الأولى¢1424هـ€حديث¶غزوة الخندق
أذكر في هذه الخاتمة خلاصة لما اشتملت عليه هذه الغزوة من أحكام وفوائد وعبر وذلك من خلال دلالة النصوص الواردة أو مقتضى عمله صلى الله عليه وسلم وقد مرت بعض الأحكام في مواضعها.
وإنما جعلت هذه الخاتمة لإجمال ما سبق تفصيله وليكون كالخلاصة الجامعة يمكن للقارئ من خلالها الوقوف بسهولة على بعض تلك الأحكام.
وقد أكون مقلدا في هذا العمل الإمام ابن القيم – رحمه الله – فقد ذكر أشياء كثيرة عقب كل غزوة إلا أنه للأسف لم يعرج على غزوة الخندق كما فعل ذلك أيضا في غزوة بدر الكبرى حيث لم يتكلم عن الأحكام المستفادة من الغزوتين.
ولكن حسبي أن أنهج نهجه في بقية الغزوات حيث سأذكر بعض الأحكام الفقهية المستنبطة من هذه الغزوة المباركة والتي كانت بمثابة درس أخير للكفر وأهله. فأيقنوا أن الله مع المؤمنين ومن كان الله معه كفاه شر أعدائه.
ومن تلك الأحكام:
1 - الشورى:
الشورى في الإسلام مبدأ من مبادئ نظام الحكم الإسلامي وعليه المعول عندما لا يوجد دليل من الكتاب أو السنة يحتم الأخذ بشيء معين.
وقد شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه كثيرا كما فعل ذلك الخلفاء الراشدون بعده.
والشورى مصطلح إسلامي لا ينبغي أن يطلق على غير مدلوله الشرعي لأن الشورى في الإسلام لها ميزات لا توجد في أي نظام آخر أو أي قانون مستحدث.
وهي خاصة بأهل الحل والعقد فلا يدخل فيها من لا يستحقها لأن ذلك يخل بهذا المبدأ العظيم وفي غزوة الخندق حصلت المشاورة من النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حول خطة الدفاع التي يتخذونها حيال الجموع الزاحفة صوب المدينة التي جاءت من بلادها عاقدة النية استئصال هذا الدين الحنيف الذي أصبح يهدد كيانهم ويبدد أصنامهم.
وقد أشار عليه سلمان الفارسي – رضي الله عنه – بحفر الخندق وذلك لإقناعه بأنها خطة عظيمة جيدة في هذا الظرف الخطير والوقت القصير ولأنها قد نفذت في بلاد فارس ونفعت.
واقتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الرأي السديد وسارع إلى تنفيذه وسارع أصحابه – رضي الله عنهم – في هذا العمل العظيم وأنجزوه في مدة وجيزة حيث لا تستطيع الآلات الحديثة في هذا العصر المتطور ماديا أن تفعل فعلهم إذا أخذنا في الحسبان أنهم حفروا من طرف الحرة الغربية الشرقي إلى طرف الحرة الشرقية الغربي.
علما بأن الحفر واسع وعميق بحيث لم تستطع الخيل اقتحامه مما يدل دلالة واضحة على عظمه واتساعه وما ذلك إلا بقدرة الله وقوته وتوفيقه لرسوله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الكرام – رضي الله عنهم – (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)
2 - مشروعية جعل الإمام من ينوب عنه أثناء غيابه في قتال أو غيره
وهذا مبدأ إسلامي مشروع شرعه النبي صلى الله عليه وسلم في عهده فالاقتداء به في ذلك مشروع.
وقد كان صلى الله عليه وسلم في كل غزوة وفي كل سفر يعزم عليه يعين نائبا على المدينة يقوم بالصلاة بأهلها ممن تخلفوا عن القتال لعجز أو إعالة ضعفاء أو تمريض مرضى وغير ذلك من رعاية شئون أهل المدينة.
وفي هذه الغزوة عين صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم وقد تقدم الخلاف في اسمه قال الحافظ: وكون اسمه عمرو أشهر وأكثر قال وقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاثة عشرة مرة قال وكان يستخلفه على المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته وأشار إلى هذا قبله ابن الأثير.
3 - التواضع في الإسلام: