¤بدر الدين يوسف محمد أحمد£بدون¥جامعة أم القرى¨بدون¢بدون€جغرافيا¶حج وعمرة - مواقيت الإحرام
الخاتمة
في ختام هذه الدراسة يشار إلى موضوع المحاذاة للمواقيت المكانية وإن كان حيويا جدا ويشكل مسألة ملحة تقتضي حلا إلا أنها لم تطرق بالوجه المطلوب. ذلك لأن التركيز عليها سقط بسبب ما اعترى هذا الزمن الحالي من مشاكل التخصص.
فالموضوع يقع في منطقة التداخل والتكامل في تخصص الفقه وتخصص الجغرافيا والهندسة. وقد كان كل تخصص يعمل في دائرته دون النظر إلى التكميل من التخصص الآخر فإذا جاء ذكر المحاذاة كان مبتورا غامضا وغير شاف، وهذا الذي حدا بالباحث أن يطرق هذا الموضوع ليدعو رجال الفقه والجغرافيين ورجال الهندسة وغيرهم للتفكير في هذا الموضوع وغيره من مواضيع التداخل والتكامل عسى أن يخرجوا بحلول جيدة.
ولابد هنا في الختام من إيراد أهم ما أبانته الدراسة وأسهمت به بإيجاز وما تقترحه في مجال المحاذاة بصفة خاصة.
1 - تأتي هذه الدراسة لتسلط الأضواء على المواقيت لقاصدي نسك الحج والعمرة، وإبانة خصائصها علها تسد ثغرة بين الدراسات السابقة حول هذا الموضوع والتي كانت ترتكز على المسالك ودروب الحجاج قديما وحديثا مع مرور عابر بالمواقيت، وتلك الدراسات التي ركزت على الحرم وتحديد معالمه وحدوده. فهذه الدراسة وقفة وسطية مكملة لكلا الاهتمامين.
2 - أبانت الدراسة مشكلة المحاذاة للمواقيت المكانية وتعقيدها وتركيبها رغم أنه كان ينظر إليها وكأنها مسألة سهلة بدليل أن عديدا من الفقهاء لا يذكر إلا كلمة " المحاذاة " دون إبانة أو توضيح.
3 - طرحت الدراسة عديدا من الخيارات لعلاج مسألة المحاذاة الأمر الذي ييسر للفقهاء تصور كافة الاعتبارات حال الفتوى في ذلك الأمر. وقد أبانت الدراسة أن هناك فائدة من إبراز البعد الجغرافي المكاني للمسائل الفقهية ذات الصلة.
4 - خرجت الدراسة بتصور لحمي (مساحة) لنسك الحج جامع يصلح لأن تحدد معالمه من واقع الخريطة والمدن والقرى التي يحوطها ويحتويها مما يحقق المحاذاة التي تعمق في الحاج أو المعتمر الطمأنينة وتبعد عنه الشك في أنه حاذى أم لم يحاذ.
5 - جمعت الدراسة بين أقوال الفقهاء والترجمة العلمية الجغرافية لتلك الأقوال كما أنها بحثت في المواقيت المكانية وتاريخها وتطورها وبيئتها الطبيعية ومغزى اختيارها مواقيت للحج والعمرة.
6 - أبرزت الدراسة الأفكار المتقدمة والآراء النيرة للفقهاء وبينت مقاصدها من حيث المنطق المكاني الجغرافي كما جمعت بين الأقوال وقارنت ونقدت، بخاصة فيما يتعلق بخصوصية تلك الأقوال وتقدمها، وهذا جانب مكمل لما جاء في الفقرة السابقة إلا أنه يختص بالأفكار للفقهاء التي تتسم بالجدة والأصالة.
7 - إن كانت هذه الدراسة قد مالت لبعض آراء الفقهاء دون البعض الآخر في موضوع بأصله مكاني جغرافي، فليس هذا الميل من منطلق يجعل من الباحث مقدما لآراء الفقهاء والعلماء الأجلاء أو فتاواهم، ولكن من منطلق استيعابه، ومن منطلق السند من الجانب الجغرافي الذي تلقاه هذه الآراء دون غيرها.
والمسألة هنا مسألة قياس ونظر إلى الخريطة والمواقع فإذا قال فقيه مثلا بأن مسافة يلملم قدر مسافة الجحفة نظر إلى الخريطة وقيست المسافة قيل هذا غير صحيح وليس فيه شيء. فقد كان الفقهاء في أمر المسافات يأتون بتقديرات تتفاوت على هذه المواقيت فلابد من ضبط هذا الأمر قياسا دقيقا وإعطاء مسافة صحيحة. ثم إن بعض الفقهاء المتأخرين أخذوا بمسافات من أسلافهم وتبنوها فلابد من تصحيحها على الخريطة التي صارت في هذا الزمن في غاية الدقة.