¤عبدالعزيز بن عثمان التويجري£بدون¥دار الشروق - القاهرة¨الأولى¢1419هـ€ثقافة عامة¶حوار - أسس ومناهج وأبحاث
خاتمة
أبرزت هذه الفصول الحاجة إلى قيام حركةٍ فكريةٍ رشيدةٍ، على صعيد العالم الإسلامي، تدفع في اتجاه تجديد علاقات التعاون مع شعوب العالم وأممه، من منطلق الحرص المشترك على استقرار المجتمع الإنساني والحفاظ على مكاسب الحضارة الإنسانية في شتى مناحي الحياة. وأكدت مسؤولية المفكرين والعلماء والباحثين والمثقفين عموماً في البلاد العربية الإسلامية، في النهوض بدور شديد التأثير بالغ الأهمية عظيم الفائدة، لتطوير الحياة العربية الإسلامية على مختلف المستويات، لتتيسّر الوسائل والسبل التي تساعد على الانفتاح على آفاق العصر، والتعامل مع العالم كلِّه بروح الأخوة الإنسانية، ومن منطلق الإيمان بالقيم الإسلامية الثابتة التي تحثّ على التعاون، وتدعو إلى التسامح، وتبشر بالخير والسعادة للبشر أجمعين.
ولقد حرصت فيما كتبته عن قضايا الحوار والتعايش والتفاهم والتعاون والعمل من أجل تعميق التعايش بين الشعوب والأمم وبناء المستقبل الإنساني المشرق، على التأكيد على أهمية العمل الجماعي المشترك التي تتضافر فيه جهود أطراف عديدة تعمل من أجل تحسين الحياة الإنسانية ودرء المخاطر عنها وتوفير الأسباب الكفيلة بضمان الأمن وكفالة الاستقرار وترسيخ أسس التعايش الثقافي والتعاون الحضاري الراقي القائم على المبادئ الإنسانية.
وإذا كان الحوار ضرورة للعيش الآمن المطمئن المستقر فوق هذه الأرض، وكانت المسؤولية في الدعوة إليه وتطبيقه في واقع الحال، مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف التي يهمها الحوار، والتي تعمل من أجله وتملك شروطه ومؤهلاته ووسائله، فإن العالم الإسلامي مدعوٌّ اليوم، وبحافزٍ من مبادئه وقيمه، إلى أن يوسّع من دائرة تعامله مع مختلف الشعوب، ويعمّق رؤيته إلى رسالة الحوار في تجديد العلاقات الإنسانية وتطويرها والدّفع بها نحو تحقيق المنافع والمصالح لبني البشر كافّة.
ولئن كان المسلمون قد تعرضوا لأزمات كثيرة عبر مسيرتهم التاريخية، ولا يزال بعضٌ من هذه الأزمات يعمل عمله في إضعاف الكيان الإسلامي إلى اليوم، فإن مصلحتهم العليا في الحاضر والمستقبل، تتطلب منهم أن يكونوا حملة مشعل الحوار في مدلولاته الثقافية الشاملة، وفي معانيه الحضارية الراقية، وعلى شتى المستويات، وفي مختلف الموضوعات، لأن خروج العالم الإسلامي من أزماته الراهنة، وتغلّبه على المعضلات التي تعوق مسيرته التنموية، يفرضان عليه الانفتاح على العالم، والتعامل مع كل التيارات الثقافية والفكرية والإبداعات العلمية والتقانية، والتعاون مع الأمم والشعوب والدول والحكومات، حرصاً على جلب أكبر قدر من المصالح والفوائد والمنافع للأمة الإسلامية، ودرء ما يمكن درؤه من مخاطر ومساوئ ومفاسد. ولذلك فمسؤولية رجال الفكر والثقافة والعلم والأدب والفن، في هذا المجال، على قدر كبير من الأهمية لا تقل عن الأهمية التي تكتسبها رسالة العاملين في المجالات الأخرى.
وأحسب أن هذا الكتاب يستجيب لهذه الضرورة، ويتجاوب مع هذه الرسالة.