¤رضا سعد الله£بدون¥المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب - جدة¨المجلد الثاني العدد الأول¢1415هـ€اقتصاد¶اقتصاد - أعمال منوعة
الخاتمة
يستفاد من متابعتنا السابقة لأحكام القرض والبيع – أن القول بجواز الزيادة في البيع نظير الأجل – وهو الأظهر من أقوال العلماء – وبتحريم الزيادة في القرض لا ينطوي على تصور مزدوج للقيمة الاقتصادية للزمن. والأرجح في نظرنا – والله أعلم – أن كلا من أحكام البيع والقرض لا تتعارض مع وجود قيمة اقتصادية للزمن. صحيح أن الزمن بمفرده لا ينتج ولا يغل، ولكنه إذا اقترن المال – عينا كان هذا المال أم نقدا – اكتسب قيمة غير مباشرة. فالذي يتنازل لغيره عن قدر من المال لمدة من الزمن بالبيع أو بالإقراض يتنازل في ذات الوقت عن أرباح محتملة قد تتحقق باستخدام ذلك القدر من المال في أحد أوجه النشاط الاقتصادي. وتلك الأرباح الموهومة هي الكلفة الاقتصادية للدائن، وهي القيمة غير المباشرة للزمن في نظره. وفي المقابل يتوقع المدين – بالشراء الآجل أو بالاقتراض – الحصول على منافع بمال لا يملكه، وتمثل تلك المنافع المحتملة العائد الاقتصادي لتداين المدين، وهي القيمة غير المباشرة للزمن بالنسبة إليه.
وبهذا المعنى وجدنا أن الإمام فخر الدين الرازي لا يجادل في وجود قيمة اقتصادية للزمن في القرض كما هي موجودة في البيع. وهذا أيضا معنى عموم قول الإمام الكاساني بأن المعجل خير من المؤجل، والعين خير من الدين.
إلا أنه يجب التنبيه إلى أن الاعتراف بوجود قيمة اقتصادية غير مباشرة للزمن لا يستدعي بالضرورة الإقرار بمشروعية التعويض عنها ماديا في كل الأحوال.
ولقد رأينا أن قيمة الزمن معتبرة في البيع حسب الراجح من أقوال العلماء.
أما في القرض فإن تحريم الزيادة الذي نص عليه القرآن الكريم يعني منع التعويض المادي عن قيمة الزمن ومقابلتها بالثواب الذي يحصل عليه المقرض من الله إذا كان عمله خالصا لوجهه تعالى. وهذا معنى إدخال القرض في باب التبرعات وليس في باب المعاوضات.
وظننا أن الحكمة من ذلك – إضافة إلى منع الظلم – هي في توجيه المسلمين لاعتماد وسائل أخرى غير القرض، لتمويل نشاطهم الاقتصادي وصرف القرض لمجالات التكافل الاجتماعي بين المسلمين وإهدار القيمة الاقتصادية للزمن في القرض يعني افتراق معاملة الزمن بين القرض والبيع.
وبذلك نخلص إلى النتيجة الهامة التالية:
"وهي أن أحكام البيوع والقرض في الفقه الإسلامي يمكن أن تندرج تحت مفهوم واحد للزمن يعترف بأن للزمن قيمة اقتصادية، وإن كانت تقبل الاختلاف في المعاملة لحكمة، بينا فيما سبق ما نظنه بشأنها، وإن كان علمها عند رب العالمين".