وتزداد خطورة التجانس الثقافية في الرسائل الإعلانية عندما تحاكي الرسائل المصممة في مراكز الإنتاج العربي تلك الاتجاهات التصميمية، والعناصر الأساسية الموسومة بها الرسائل الدولية، وهنا تتحول الرسائل العربية والمحليةِ السمات إلى رديف للرسائل الدولية باستقطاب بعض من ملامحها الثقافية، وقيمها الحياتية المعبرة عن واقع المجتمعات الغربية، ونظرتها إلى الحياة، وماهية متطلباتها ودوافع اشباعاتها. كما أن من شأن هذا التجانس أن يقلل من فرص التنوع الثقافي العالمي، بما شكل حداً أدنى من الخصوصية الثقافية للمجتمعات المسلمة لتقف سداً منيعاً ضد تيارات عولمة الثقافة الغربية، وما يعبر عنها من رمز أو قيمة بين أبناء المجتمع المسلم.
3 - المخاطر الاجتماعية: ويلخصها الباحث بما يقع ضمن دائرة الأخلاقيات والسلوكيات المخالفة للقيم الإسلامية، والتقاليد الاجتماعية المحلية يجملها الباحث في تبعات استخدام المرأة في الرسالة الإعلانية، فقد انتهى الباحث إلى وجود قدر من المُوحِيَات الإباحية في الرسائل الإعلانية الفضائية في ظل غياب الضوابط الإعلانية الحازمة التي تحد من انحراف الرسالة عن الظهور النسائي المقبول، كما وضح ذلك في بعض الكيفيات السافرة، والتعريض بجماليات المرأة ومفاتن قوامها.
ويخشى الباحث من أن تسهم مثل هذه المُوحِيَات غير الأخلاقية بسلوكياتها المتفسخة، ومثيراتها الإغرائية في تعميق ما يسمى بتحرير المرأة المسلمة، وذلك بحفزها على التحلل من كثير من قيم الاحتشام والالتزام، ومظاهر العفة والوقار بتأثير عامل التكرار الإعلاني المنسجم مع بعض اتجاهات المادة الإعلامية المرئية خصوصاً، وتعويد المجتمع المتلقي على التعامل معها وعدم استنكارها؛ مما يجعل لمثل تلك التوجهات الاستخدامية خطورة حقيقية على قناعات المرأة المسلمة، والتزامها الأخلاقي على المدى البعيد.
وقد لاحظ الباحث أن هناك تكثيفاً إعلانياً في استخدام شخصية المرأة، وتجاوزاً للاستخدام المتكشف في الإعلانات الدولية والفضائية، فإن مجرد الاعتماد على المرأة في حد ذاته يعد خروجاً على المألوف الاجتماعي المحلي، ومخالفة للإطار الأخلاقي الذي يحكم التعامل معها أو يحدد كيفيات ظهورها، ويرتبط بهذا الجانب أن المواصفات الجمالية للمرأة الظاهرة في الرسائل الإعلانية يمكن أن تسهم في تشكيل مقاييس الذوق الجمالي النسائي، وتتدخل في رسم ملامح المظهر الأنيق من خلال أداء العارضات، وما ينجم عن أذواقهن المعروضة من (موضات) تتسرب بين نساء المجتمع المتلقي.
ولذا نظر الباحث إلى المخالفات السلوكية والانحرافات الأخلاقية المستخلصة من السياق الإعلاني المرئي تحديداً بتقدير دورها في تغريب الحياة الاجتماعية، وتأثيرها على القيم البناءة والأخلاقيات الحميدة والسلوكيات المتزنة بين أفراد المجتمع المسلم كباراً وصغاراً، ذكوراً وأناثاً.
ويبقى أن يشير الباحث إلى وضوح النزعة الاستهلاكية في الرسائل بتعميق مشاعر اللذة والمتعة، وتكثيف المشاهد الإغرائية، وتقديم القيم الفردية، وإعلاء العزة الذاتية ... بما يتسق مع الاتجاه الاستهلاكي للفرد الغربي في بيئته الخاصة، وتعامله مع أفراد مجتمعه المحيط، في حين أن مثل هذه الاتجاهات تتعارض مع كثير من سلوكيات المسلم المعتادة، وضوابط المتع المحللة، ومراعاة مصلحة العموم.
ثانياً: التوصيات:
يوزع الباحث توصيات الدراسة على ثلاثة اهتمامات هي: التوصيات المهنية، والتوصيات التنظيمية، والتوصيات العلمية، وذلك على النحو التالي:
أ) التوصيات المهنية: