4 - قيم أساليب الحياة: يصف الباحث اهتمامات الجاذبيات الإعلانية بالسعي إلى تعزيز قيم غير ذات أولية على حساب قيم أصيلة كان يمكن أن تكون هي أوتار الإعلانات التجارية, ومحل عناية استمالاتها، ودليل الباحث على إمكانية تحقق ذلك أن الإعلانات الصحفية استعانت بجاذبية إعلانية ذات بعد إيجابي تعكس الالتزام الأخلاقي في الرسالة الصحفية، في حين أن الإعلانات التلفازية انصرفت إلى القيم العاطفية، والفردية والاجتماعية والمادية التي لم يلحظ الباحث فيها ما يشير إلى توجه تشكيل حياة, تأخذ في اعتبارها مصلحة الجماعة وصلاح المجتمع، فمن بين الاهتمامات العاطفية برزت قيمة الإغراء الجنسي، ومالت الاهتمامات الاجتماعية إلى إبراز سلوكيات الاختلاط والألعاب الرياضية (الوافدة)، والحث على اعتبارات المكانة، كما نزعت الاهتمامات الفردية إلى تضخيم مشاعر الإحساس بالراحة والمتعة واللذة، وتعميق التولع بجماليات الجسد، والتعبير المبالغ عن المشاعر ... ، وكلها قِيَمٌ تخاطب الفرد في إشباع ذاتيته، كما أن الاهتمامات المادية للسلع لم تبرز قيماً ملحوظة ذات ناتج سلوكي ترشيدي، وإنما توجهت إلى ما يحث على الشراء، وتوفير سبله كالبيع بالأقساط أو التخفيضات، إضافة إلى اهتمامها بقيم الأناقة الشكلية. كما يضيف الباحث إلى القيم السابقة ما يمكن استنتاجه من بعض الفئات التحليلية ذات المنحى السلوكي, من قيم تصب في تأكيد النزعات الفردية والمادية والجنسية، ومثال ذلك بعض كيفيات الظهور النسائي، وبعض الأدوار والسمات الإغرائية، واستخدام عارضات بقصد الجذب والإثارة، وكلها تؤكد للباحث أن قيم الإعلانات المدروسة لم تختلف عما رصد مثلها في بعض الدراسات الإعلانية حين أكدت نتائجها على كثافة استخدام المرأة، واستغلال المثيرات، وتأكيد قيم الذات، وتضخيم أهمية المظهر الشكلي للشخصيات، وهو ما يعني لدى الباحث تطلعاً لحياة غربية بمواصفاتها المتمحورة حول النزعة الاستهلاكية بما فيها من اهتمامات مادية أو فردية أو تسليع لجسد المرأة واستغلال جاذبيات ظهوره.
وأخيراً فإن الباحث لا يجد غضاضة في الإشارة إلى تكامل بعض التعبيرات الثقافية في الارتباط بما يتصل بالحياة الغربية من مظاهر رمزية، أو نماذج شخصية، أو قيم معاشية ... ، وبالتالي تحول الرسالة الإعلانية إلى قناة ناقلة لكثير من التعبيرات الثقافية السائدة في المجتمعات الغربية، وسلوكيات أبنائها، وهو ما ينقل الحديث إلى المخاطر التغريبية المتوقعة, على ضوء كثافة التعبير الثقافي الغربي في معطياته وتشكيلاته الإعلانية المختلفة.
(ب) المخاطر التغريبية: على ضوء ما خرج به الباحث من رؤى تتعلق بمستويات التعبير الإعلاني المحددة في الفقرة السابقة يمكن تلخيص أهم المخاطر التغريبية المستنتجة من تفحص إعلانات العينة في ثلاثة محاور رئيسة، وهي: المخاطر الفكرية، والمخاطر الثقافية، والمخاطر الاجتماعية، وتستوعب هذه التقسيمات كثيراً من الآثار التغريبية المحتملة في المحتويات الإعلانية حسب درجة ارتباطها ببعض رموز الثقافة الغربية، وسمات شخصياتها وقيم حياتها المعبرة في مجملها عن المكنون الثقافي والاجتماعي في رسائل العينة، كما يلي: