سادساً: لما كان الطعن في القرآن وقراءاته يخدم ذلك الغرض الصليبي الاستعماري الخبيث. فإنا نستبعد أن يرتضيه لنفسه عالم أزهري ملم كالأستاذ المشرف على رسالة الماجستير المردودة. ولا شك أنه كان خاطئاً في موافقته على الرسالة والرضا بها وتقييمها ثم الدفاع عنها. على أن بوادر تراجع مباركة قد بدت أخيراً في موقفه من الرسالة وفي كتبه الشخصية إلى بعض العلماء المخلصين. لكن هذا غير كاف لغسل الحوبة. بل لا بد للأستاذ الكريم ـ بعد أن أخلص وجهته لله تعالى ـ أن يتولى بنفسه إصدار كتاب يدافع فيه عن القرآن وعلومه أو الإشراف على رسالة أخرى تظهر وجه الحق في الموضوع.
كما لا بد للآنسة المسلمة الحريصة على دينها وأمتها "كاتبة الرسالة المردودة" أن ترقب الله تعالى في كتابه وعماد شريعته الخالدة، وأن تستوفي الموضوع بحثاً ودراسة مستعينة بالمختصين من العلماء، مما يهيأ لها الفرصة الطيبة للإقلاع عن آرائها بقناعة ذاتية. وعندئذ فقد لزمها أن تصدر بحثاً تعلن فيه عما توصلت إليه.
هذه هي السبيل القويمة في العودة إلى الحق، فالحق أحق أن يُتبع، والرجوع عن الخطأ فضيلة. والتوبة إلى الله كرامة. قال الله تعالى: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون. ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله، والكافرون لهم عذاب شديد" "سورة الشورى: آيتا 25ـ 26".
وفي الختام أحمد الله تعالى حقّ حمده، أن وفقني لتأليف هذا الكتاب من نيفٍ وعشرين سنة، ثم أذن بفضله وكرمه أن يخرج ـ من رفوف مكتبة كلية أصول الدين بالأزهر ومكتبات بعض العلماء الفضلاء ـ إلى رحاب النشر الإسلامي العام، فأحمد الله على جميع ألوان إكرامه وإنعامه.
وأسأل الله العظيم رب أن ينفعني وأولادي وأهلي والمسلمين بالقرآن العظيم، ويجعله نوراً لنا في الدنيا ويوم الدين، وأن يوفقنا دائماً لخدمة القرآن العظيم وسنة النبي الكريم وعلومهما، وأن يفتح لي في ذلك فتحاً مبيناً قريباً "وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإله أُنيب".