السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة الروم: 27] ، وقال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [سورة الشورى: 11]
وقد ضلَّ في هذا الأمر طائفتان:
إحداهما: (المعطِّلة) الذين أنكروا الأسماء والصفات، أو بعضها، زاعمين أن إثباتها لله يستلزم التشبيه، أي: تشبيه الله تعالى بخلقه، وهذا الزعم باطل؛ لوجوه، منها:
الأول: أنه يستلزم لوازم باطلة؛ كالتناقض في كلام الله سبحانه، وذلك أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء، والصفات، ونفى أن يكون كمثله شيء، ولو كان إثباتها يستلزم التشبيه؛ لزم التناقض في كلام الله، وتكذيب بعضه بعضًا.
الثاني: أنه لا يلزم من اتفاق الشيئين في اسم أو صفة أن يكونا متماثلين، فأنت ترى الشخصين يتفقان في أن كلاًّ منهما إنسان سميع، بصير، متكلم، ولا يلزم من ذلك أن يتماثلا في المعاني الإنسانية، والسمع، والبصر، والكلام، وترى الحيوانات لها أيدٍ، وأرجلٌ، وأعينٌ، ولا يلزم من اتفاقها هذا أن تكون أيديها، وأرجلها، وأعينها متماثلة.
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات فيما تتفقُ فيه
من أسماء، أو صفات؛ فالتباين بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.
الطائفة الثانية: (المشبهة) الذين أثبتوا الأسماء
والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه، زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص؛ لأن الله تعالى يخاطب العباد بما يفهمون، وهذا الزعم باطل؛ لوجوه منها:
الأول: أن مشابهة الله تعالى لخلقه أمر يبطله العقل، والشرع، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمرًا باطلاً.
الثاني: أن الله تعالى خاطبَ العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكُنْه الذي عليه ذلك المعنى؛ فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته، وصفاته.