ميلاد مجتمع (صفحة 19)

لقد فسر كثيرون هذه الظاهرة بصور مختلفة.

فـ (هيجل) يرجع الأسباب التي تحكم كل حركة تاريخية، أعني كل تغيير اجتماعي إلى مبدأ التعارض الذي يتكون من قضية ونقيضها.

فحينما تنشأ الحركة طبقاً لهذه الأسباب المتعارضة، فإن غايتها تتمثل أمامه في صورة اندماج وتركيب محتوم!

فهذه هي الأحوال الثلاث التي تسيطر على كل حركة تاريخية في رأي هيجل، وبالتالي يتلخص فيها كل تغيير اجتماعي.

فالحالة التي توجد فيها جماعة إنسانية في لحظة معينة من تاريخها هي- في رأيه- قضية.

ولكن قد تظهر خلال هذه الحركات أسباب، ذات طابع اقتصادي أو أخلاقي أو مناخي تهدف إلى تعديل اتجاهها. فبتأثير الأفعال وردود الأفعال المتبادلة يصبح الوسط مجالاً لنزعات السكون المتصلة بخموده الفطري، ونزعات الحركة التي تنشئ حالة مناقضة في طريقها إلى الظهور يتكون عنها نقيض القضية.

وفكرة التعارض هذه هي التي تكون في نظر هيجل القوة المحركة التي تخلق الحركة التاريخية، التي من شأنها أن تخلق أسبابها.

والاندماج أو التركيب هو الغاية المنشودة من هذا الكيان كله، ذلك الكيان الذي يجدد دورته تعارض جديد يزلزل التعادل القائم المستقر.

ويعد تفسير فكرة التعارض هذه هو الميدان الذي اختلفت فيه المذاهب الفكرية الحديثة.

فالفكرة الماركسية ترى أن الأسباب المتعارضة التي تؤدي إلى حدوث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015