يأخذ ما ليس له، والتغابن أن يعطي في المعاملة ما ليس عليه حمد وأجر. والعد في السياسة أن ترتب أجزاء المدينة الترتيب المشاكل لترتيب أجزاء النفس، حتى يكون المدينة في ائتلافها وتناسب أجزائها، وتعاون أركانها على الغرض المطلوب من الاجتماع، كالشخص الواحد، فيوضع كل شيء موضعه، وينقسم سكانه إلى مخدوم لا يخدم وإلى خادم ليس بمخدوم، وغلى طبقة يخدمون من وجه، ويخدَمون من وجه آخر، كما ذكرناه في قوى النفس. ولا يكتنف العدل رذيلتان، بل رذيلة الجور المقابلة له، إذ ليس بين الترتيب وعدم الترتيب وسط، وبمثل هذا الترتيب والعدل قامت السموات والأرض حتى صار العالم كله كالشخص الواحد، متعاون القوى والأجزاء، وإذ قد ذكرنا جملة هذه الأمهات فلنذكر تفصيل ما يندرج تحت كل فضيلة ورذيلة من أنواع الفضائل والرذائل، مبتدئين فيه بالقوة العقلية، ثم الغضبية، ثم الشهوانية، ليكون ذلك أشفى في البيان.