ميزان العمل (صفحة 94)

السيّ من الأطعمة اللذيذة، لا يضر الصبي الرضيع السخيف البنية. وكم من أحمق يتكايس، فيقيس نفسه بصاحب الشرع، مقايسة الملائكة بالحدادين، فيهلك من حيث لا يدري. نعوذ بالله من عمش البصيرة، فإنه يكاد يكون أردى من العمى، إذ الأعمى يعتقد عجزه فيقلد فيهديه غيره، والأعمش ينفتح من بصيرته بقدر ما يستنكف به من الاتباع ثم لا يكمل نوره بحيث يستكمل مستمراً في سواء السبيل، ومن هذه حاله لا يبالي الله في أي واد هلك.

ولقد رأيت جماعة من الحمقى العوام يتكايسون في التصوف بآرائهم ويزعمون أن هذه الشهوات لم خلقت إن كان اتباعها مذموماً ومهلكاً، ولم يعلموا أن تحت خلق الشهوتين، أعني شهوة الفرج والبطن، حكمتين عظيمتين: إحداهما إبقاء الشخص بالغذاء والنوع بالحرث، فإنهما ضروريتان في الوجود بحكم إجراء الله سنته بمشيئة الله الأزلية التي لا يجد لها تبديلاً ولا تحويلاً، والثانية ترغيب الخلق في السعادات الآخروية، فإنهم ما لم يحسوا بهذه اللذات والآلام لم يرغبوا في الجنة ولم يحذروا النار، ولو وعدوا بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015