المال، فتعلم أن هذا أيضاً مذموم وهو الذي يعبّر عنه بالتبذير. والمحمود المعتدل هو السخاء الواقع بين التحرق والتبذير، وهو أن يتيسر عليك بذل ما يقتضي الشرع والعقل إمساكه، عن طوع ورغبة، وكذا في سائر الصفات، والواحد منها كاف في المثال، وإذا عرفت أن معيار الأعمال مأخوذ من مقدار الصفات والأخلاق، لم يخف عليك أن الطريق في هذا تختلف باختلاف الأشخاص، وتختلف في حق شخص واحد باختلاف الأحوال. فمن رزق البصيرة، تتبع العلة وعالجها بطريقها. ولما كان أكثر الناس يعجزون عنه، وعسر على الشرع تفصيل يفي بجميع الأشخاص، في جميع الأعصار، اقتصر الشرع في التفصيل على القوانين المشتركة، التي تعم جدواها من الطاعات وترك المعاصي المحذورة، ثم رغب عن المباحاة التي تقصد للتلذذ بأمور جميلة كقوله: " حب الدنيا رأس كل خطيئة "، وأمثاله. ثم عرف أهل البصيرة منه غاية المطلوب وطريقه،