وأكثر ما يلبس به الهوى معاذير مزخرفة. والعقل يرشد بحجج حقيقية.
والعاشق لشخص قبيح، أو المتناول لطعام بشع شغف به لعادته، لو روجع لزخرف فيه معاذير مموّهة، يشهد عليه العقل بأنه متصنع متكلف. وبالجملة إدراك هذه الحقيقة لا يكون إلا بنور إلهي، وتأييد سماويّ. فليكن الفزع إلى الله في مضانّ الحيرة. فقد قال بعض العلماء: إذا مال العقل إلى مؤلم في الحال، نافع في العاقبة، ومال الهوى نحو نقيضه الملذ في الحال، الوخيم في العقبى، وتنازعا وتحاكما إلى القوة المدبّرة المفكرة، سارع نور الله تعالى إلى نصرة العقل، وبادر وسواس الشيطان وأولياؤه إلى نصرة الهوى، وقام صف القتال بينهما. فإن كانت القوة المدبّرة من حزب الشيطان وأوليائه، ذهلت عن نور الحق، وعميت عن نفع الآجل، واغترت بلذة العاجل، وجنحت إليه، وقهر أولياء الله. وإن كانت من حزب الله وأوليائه، اهتدت بنوره، واستهانت بالعاجلة، وطلبت الآجلة. قال الله تعالى: (الله وَلِيُّ الّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إلَى النُّورِ، وَالّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إلَى الظُّلماتِ) .