فإن إماتتها عن الجماع عسرة، وقاطعة للتناسل الذي به بقاء النوع، وعن الطعام صعب، وينقطع به بقاء الشخص. ولكن بكسر الشره في الطعام، حتى لا يكون المقصود من الطعام التلذذ بالتناول، بل استيفاء القوة للتوصّل به إلى العلم والعمل، فيكون في أكله كهو في أعلافه دابته، إذا انتهض للجهاد فمقصوده التوصل فقط، ويود لو استغنى عن الطعام وبقيت قوته على العلم والعمل.
مثال آخر: الإنسان حيث خلق بنفسه عالماً، كبيراً في المعنى صغيراً في الحجم، فبدنه كمدينة، وعقله كملك مدبّر لها. وقواه المدركة من الحواس الظاهرة والباطنة كجنوده وأعوانه، وأعضاؤه كرعيته. والنفس الأمارة بالسوء، التي هي الشهوة والغضب، كعدوّ ينازع في مملكته، ويسعى في إهلاك رعيته. فصار بدنه كرباط وثغر، ونفسه كمقيم فيه مرابط، فإن جاهد عدوّه وأسره وقهره على ما يجب، حمد أثره إذا عاد إلى حضرته تعالى، كما قال: