أقول أن فتور الإيمان أيضاً مع أنه من الحماقة، فليس يقتضي الفتور في سلوك سبل السعادة، لولا الغفلة. فإن الناس في أمر الآخرة أربع فرق: فرقة اعتقدت الحشر والنشر والجنة والنار، كما نطقت به الشرائع، وأفصح عنه وصفه القرآن، وأثبتوا اللذات الحسية التي ترجع إلى المنكوح والمطعوم والمشموم والملموس والملبوس والمنظور إليه، واعترفوا بأنه يضاف إلى ذلك أنواع من السرور، وأصناف من اللذات التي لا يحيط بها وصف الواصفين، فهي " مما لا أعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ". وأن ذلك يجري أبداً بلا انقطاع، وأنه لا ينال إلا بالعلم والعمل. وهؤلاء هم المسلمون كافة، بل المتبعون للأنبياء على الأكثر من اليهود والنصارى، وفرقة ثانية، وهم بعض الإلهيين الإسلاميين من الفلاسفة، اعترفوا بنوع من اللذة لا تخطر على قلب بشر كيفيتها، وسموها لذة عقلية.