ما لا ينفع، مع اشتغال الموتى بما هم فيه، كان يعود إلى بيته بالشكر طول النهار على نعم الله عليه في تخليصه من كل البلايا. وحق للإنسان في الدنيا أن ينظر أبداً ما عاش إلى من هو دونه، ليشكر، وفي الدين إلى من هو فوقه، ليشمّر. والشيطان إذا استولى نكس هذا النظر وعكسه. فإذا قيل له: لمَ تتعاطى هذا الفعل القبيح؟ اعتذر بأن بلاناً يتعاطى ما هو أكبر منه، مع أنه ليس في المعصية، ولا في الكفر مناظرة. وإذا قيل له: لما لا تقنع بهذا الموجود؟ فيقول: فلان أغنى مني، فلم أصبر على ما ليس يصبر عنه؟ وهذا عين الضلال والجهل المحض. ومهما التقى الهم بهذا العائق، بطل غمّ الحسد. فمن أنعم الله عليه بنعمة، فإن كان يستحقها، لم يغتم به وإن كان لا يستحقها، فوبالها عليه أكثر من نفعها. فأما إن كان الغم في الأمر المستقبل، فإن كان على أمر ممتنع كونه أو واجب كونه، مثل الموت فعلاجه محال. وإن كان ممكناً كونه نظر، فإن كان لا يقبل الدفع، كالموت قبل الهرم، فالحزن له حماقة.