فإن قلت: قد اتضح لي أن الاشتغال بالعلم والعمل واجب، ولكن العلوم كثيرة، وكذلك الأعمال فهي مختلفة بالنوع ثم المقدار، وليس يكفي العلم بأن العلة يلائمها المبردات، ما لم يعلم نوع المبرد وقدره ووقت استعماله، في الموالاة أو التفريق، إلى غير ذلك مما يتطرق إلى تفاصيل اضطرارية، فلا بد من بيان النوع وبيان الكمية ثم الكيفية في الاشتغال به. فأعلم أن الناس فيما سألته فريقان: قانع بالتقليد، وهو مستغن عن البحث، ولكن ينهج السبيل الذي رسمه له مقلده، وفريق آخر لا يقلدون تقليد المريض للطبيب، بل يتشوقون إلى أن ينالوا رتبة الأطباء. والخطب في هذا عظيم، والمدى طويل، وشروط هذا الأمر لا تظهر في الإعصار، إلا لواحد فرد شاذ. ولكنا ننبئك بما يرقيك عن حضيض التقليد، ويهديك إلى سواء الطريق. فإن ساعدك التوفيق، وانبعث من نفسك داعية الاستتمام،