وأدنى المسكن ما يقل من الأرض، من رباط أو مسجد أو وقف، كيفما كان، وأوسطه ملك لا تزاحم فيه، فتقدر على أن تخلو فيه بنفسك ويبقى معك عمرك، وهو على أقل الدرجات من حسن البناء، وكثرة المرافق، هو حد الكفاية، وأعلاه دار فيحاء فسيحة، مزينة البناء، كثيرة المرافق، وتتبعها زيادات لا تنحصر، على ما يرى عليه أرباب الدنيا، وأولو الرتب. والأول هو قدر الضرورة، إذ المقصود من المسكن أرض تقلّك، يحيط بها حائط يمنع عنك السباع، ويظل عليك سقف، يمنع المطر وحر الشمس ولا يقنع به المتوكلون. والأوسط هو حدّ الكفاية، وما بعده خارج عن حدّ الدين وإقبال على أمر الدنيا، أعني الاشتغال بزينتها. فأما الجلوس فيها، مع الغفلة عنها، دون ابتهاج بها وطمأنينة إليها، فمن المباحات. وأما صرف الأوقات إلى تزيينها، فمباح للعوام على لسان الفقه، الذي عقد لضرور جهل العوام، وقصورهم عن مشافهتهم بالمنع منه. فأما في طريق التصوف فحرام، وأعني بالتصوف ما خلق الإنسان له من سلوك سبيل القرب إلى الله تعالى. والعبادات لا مناقشة فيها، ولذلك قيل: