وأصل ذلك معرفة رتبة المال من المقاصد، فإن أصل الأمور كلها العلم بحقائق الأشياء. فنقول: على طالب السعادة الآخروية وظائف في حق المال، من حيث جهة الدخل وجهة الخرج، وقدر المتناول بالنية الواجبة في تناوله.
الوظيفة الأولى: معرفة رتبته، فقد سبق أن المقتنيات المرغوب فيها ثلاثة: نفسية ثم بدنية ثم خارجية. والخارجية أدناها رتبة، والمال من جملة الخارجية، وأدناها الدراهم والدنانير، فإنهما خادمان ولا خادم لهما، إذ النفس تخدم العلم الفضائل النفسية لتحصّلها، والبدن يخدم النفس، فيكون آلة، والمطاعم والملابس تخدم البدن، والدراهم والدنانير تخدم المطاعم والملابس. وقد سبق أن المقصود من المطاعم إبقاء البدن، ومن البدن تكمل النفس. فمن عرف هذا الترتيب وراعاه، فقد عرف قدر المال، ووجه رتبته،