لقصور علمهم وعدم ابتهاجهم بكمال علومهم الذاتية، فأطمع ذلك المستفيدين منهم فيهم.
الوظيفة الثالثة: ألا يدخر شيئاً من نصح المتعلم وزجره عن الأخلاق الردية، بالتعريض والتصريح، ومنعه أن يتشوق إلى رتبة فوق استحقاقه، وأن يتصدى لاشتغال فوق طاقته، وأن ينبهه على غاية العلوم، وإنما هي السعادة الآخروية دون أغراض الدنيا. فإن رأى من لا يتعلم إلا لأجل طلب الرياسة، ومباهاة العلماء، لم يزجره عن التعلّم. فاشغاله بالتعلم مع هذا القصد خير من لأعراض، فإنه مهما اكتسب العلم تنبّه بالآخرة لحقائق الأمور. وأن الطالب بالعلم لأغراض الدنيا منغبون، وقد بيّن العلماء هذا المعنى بقولهم: " تعلمنا العلم لغير الله، فأبى العلم أن يكون إلا لله ". بل أقول: إن كان الناس لا يرغبون في تعلم العلم لله، فينبغي أن يدعوهم إلى نوع من العلم يستفاد به الياسة بالأطماع في الرياسة، حتى يستدرجهم بعد ذلك إلى الحق. ولهذا رؤي الرخصة في علم المناظرة في الفقهيات، لأنها بواعث على المواظبة لطلب المباهاة أولاً، ثم بالآخرة، يتنبه لفساد قصده، ويعدلك عنه إلى التعلم بالأطماع في الرياسة إنا نطمعه فيه بالصولجان، وشراء الطيور،