وعلى الجملة فمعرفة الله غاية كل معرفة، وثمرة كل علم، على المذاهب كلها. وقد روي أنه رؤي صورتا حكيمين من الحكماء المتعبدين في مسجد، وفي يد أحدهما رقعة فيها: " إن أحسنت إلى شيء، فلا تظنن أنك أحسنت شيئاً، حتى تعرف الله تعالى، وتعلم أنه مسبب الأسباب وموجد الأشياء ". وفي يد الآخر: " كنت قبل أن عرفت الله أشرب وأظمأ، حتى إذا عرفته رويت بلا شرب ".
الوظيفة الثامنة: أن تعرف معنى كون بعض العلوم أشرف من بعض فإن شرف العلم يدرك بشيئين: أحدهما بشرف ثمرته، والآخر بوثاقه دلالته. وذلك كعلم الدين وعلم الطب، الذي ثمرته حياة البدن إلى غاية الموت. وأما الحساب إذا أضفته إلى الطب، فالحساب أشرف باعتبار وثاقه دلالته، فإن العلوم بها ضرورية غير متوقفة على التجربة بخلاف الطب. والطب أشرف باعتبار ثمرته، فإن صحة البدن أشرف من معرفة كمية المقادير. والنظر إلى شرف الثمرة أولى من النظر إلى وثائقه الدليل.