والشرعية كالغذاء، والنقل جاء من العقل، وليس لك أن تعكس. والنفس المريضة المحرومة من الدواء تتضرر بالأغذية ولا تنتفع. ولذلك قال تعالى: (في قُلُوبِهِم مَرَضٌ) ، لما كانوا لا ينتفعون بالقرآن. والمقلد الأعمى، إذا تأمل أمور مواد الشرع يتراءى له أمور متناقضة، وهي كذلك بالإضافة إلى ما فهمه. ثم قد تجبن نفسه عن التأمل فيه لضعف عقله وخور طبعه، فيتكلف الغفلة عنه خيفة أن ينكسر تقليده، وقد يتأمله فيدرك تناقضه، فيتحير ويبطل يقينه. ولو نظر بعين البصيرة، لبطل التناقض ورأى كل شيء في موضعه. ومثاله مثال الأعمى الذي دخل داراً فعثر بالكوز والطشت وأثاث الدار، فقال: لمَ وضعتم هذا على الطريق، لم لا تردونها إلى محلها. فقيل له: إن كلاً في موضعه، ولكن الخلل في البصر. فهذا بيان نسبة العلم المستفاد من العقل.
واعلم أن المكتسب من العلوم بواسطة العقل ينقسم إلى المعارف الدنيوية