وقيل: الحسد والحرص هما ركنا الذنوب ولهما ضرب المثل بآدم وإبليس، إذ حسد إبليس آدم فصار لعيناً، وحرص آدم على ما نهي عنه فأُخرج من الجنة. فهما شجران يثمران الهموم والغموم والخسران، فمن قطع عروقها نجا، وبالجملة فالحسد عين الحماقة، لأن من لا يغنم بخير يصل إلى أهل المغرب، مع أنه لا يناله بوجه، فلم يغتم بخير يصل إلأى عشيرته وشركائه وجيرانه وأهل بلده، وربما بوجه، فلم يغتم بخير يصل إلى عشيرته وشركائه وجيرانه وأهل بلده، وربما ينال منه حظاً. وقوله عليه السلام: " لا حسد إلا في اثنين: رجل أتاه الله مالاً فجعله في حق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها "، إنما أراد به الغبطة، فإن الحسد قد يطلق لإرادتها.
فهذا هو القول في ضبط أفعال هذه الصفات. فإن قلت: فمن ضبط أفعال هذه القوى حتى حدث في نفسه، من أفعاله أخلاق راسخة يتيسر بها هذه الأفعال، فهل يكون عفيفاً؟ فاعلم أن العفة لا تتم بهذا القدر ما لم ينضم إليه عفة اليد واللسان والسمع والبصر، وحدّها