وأما النكول، فهو الانقباض فيما لا يجب عنه الانقباض، خوفاً من الهلاك، وأما التبجح فهو تأهيل النفس للأمور الكبار، من غير استحقاق. وأما صغر النفس، فهو تأهيل النفس لما دون الاستحقاق. وأما الجسارة، فهو قلة التأثر بأسباب الهلاك، من غير أثر جميل تقتضيه، وأما الهلع، فهو سوء احتمال الآلام والمؤذيات، وأما الاستشاطة فهو سرعة الغضب وحدته، وأما الانفراك، فهو بطؤ الغضب وبلادته، وأما التكبر فهو رفع النفس فوق قدرها، وأما التخاسس، فحط النفس في الكرامة والتوقير إلى ما دون قدرها، فإن كان على الوجه الواجب سمي تواضعاً محموداً، والمولد للكبر هو العجب، وذلك جهل الإنسان بمقدار نفسه، وظنه أنها على رتبة عالية من غير أن تكون كذلك. وذم الناس للتكبّر والبخل أشد من ذمهم للتخاسس والتبذير، فإنهما في غاية القبح، وهذان وإن كانا مذمومين، فهما شبيهان بالسخاء والتواضع، وربما يدق الفرق بينهما، فيظن أنهما محمودان، وهما رذيلتان بالحقيقة، ومائلتان عن الوسط. ولذلك قال عليه السلام: " طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذلّ في نفسه من غير مسكنة ".