المعرفة، وهو العقل - فهذا بعض معنى قول الناس: إن العقل موجب أي دليل ومعرف لوجوب الإيمان بالنظر في سببه بالعقل وهو النعم - والله أعلم.
وقال أيضًا: إن سبب وجوب الصلاة هو الوقت، وسبب وجوب الصوم هو شهود شهر رمضان، وسبب وجوب الحج هو البيت، ولكن لا يعقل كون نفس (?) الأوقات أسبابًا، وفي الحقيقة تتابع نعم الله تعالى عليهم في كل وقت من هذه الأوقات الخمسة سبب وجوب الصلاة فيه، شكرًا لما أنعم الله تعالى عليهم، والوقت ظرف للنعم ومقدر لها أيضًا، فيضاف الوجوب إلى الوقت ظاهرًا. وكذا في حق الصوم: السبب هو النعم، وهو اقتضاء شهوة البطن والفرج والاستمتاع بذلك سنة كاملة، وجعل الشكر هو الامتناع عن ذلك شهرًا لوجه الله تعالى، فيكون الشهر شرط الوجوب وشرط الأداء فيضاف إليه مجازًا. وكذا سبب وجوب الحج هو النعم، فإن العبد عليه خدمة مولاه حال حضرته وفي حال غيبته لزوم حضرة بابه، لكونه عبدًا له مستغرقاً في نعمه، والله تعالى ليس بمشاهد ولا له مكان، لكن لما أضاف البيت إلى نفسه كرامة له وإظهاراً لشرفه الذي وضعه الله له، يجب على عبيده زيارته ولزومه لهذا، لكن بفضله وكرمه اجتزئ منهم في العمر مرة، وأقام ذلك مكان لزومهم ذلك المكان أبدًا. وكذا المال سبب لوجوب الزكاة شكرًا للتنعم بالمال والاستمتاع بصرف النعم في كل سنة، لكن قدر الحاجة التي يقوم به البدن تابع للبدن، فكان شكره ما هو شكر نعمة البدن. فأما الفضل على الحاجة اللازمة الذي يقع به التنعم ويكون سبب الحياة والعز في الدنيا يكون سبب الوجوب.