عليه يجب بظاهر النص، وفي غير المنصوص يتعلق بالوصف الذي جعل علة، ويكون أمارة لثبوت الحكم في الفروع بإيجاب الله تعالى، لا أن الوجوب مضىاف إليه حقيقة.
وقال الشافعي، وهو قول الأشعرية: إن وجوب العبادات بالخطاب، فأما وجوب العقوبات والحقوق المالية [فـ] بالأسباب.
وقال عامة مشايخنا: إن لعامة الأحكام أسبابًا من العبادات والعقوبات وحقوق العباد وغيرها، وإليه أشار الشيخ أبو منصور الماتريدي رحمة الله عليه في أصول الفقه الموسوم بـ "مآخذ الشرائع".
أما الفريق الأول [فـ] قالوا: إن الموجب للأحكام والشارع لها، هو الله تعالى، كما أن موجد الأشياء المحسوسة وخالقها هو الله تعالى، وصفة الإيجاب صفة خاصة لله تعالى لا يجوز اتصاف الغير بها، كصفة التخليق، إلا أنه جعل بعض أوصاف النص علامة وأمارة على الحكم في الفروع، منه قال: "أسباب موجبة" مجازاً، لظهور أحكام الله تعالى عندها، ولأن الأسباب في أفعال العباد بمعنى الآلات والجوارح السليمة، باعتبار أن قدرة العباد ناقصه لا يظهر أثرها عادة في المحال إلا بالأسباب والآلات، فيكون عملها في تتميم القدرة الناقصة، والله تعالى موصوف بالقدرة التامة، فلا يجوز آن يتعلق وجوب أحكامه ووجوب مفعولاته بالأسباب حقيقة. ولأن ما ادعيتم من الأسباب كانت موجودة قبل ورود الشرع ولا أحكام معها، وقد يوجد بعد الشرع أيضًا بلا أحكام، كما في المجانين والصبيان وغيرهم، ولو كانت عللا للأحكام، لكان لا يتصور انفكاكها عن الأحكام، كما في العلل العقلية، فإنه قط لا يتصور وجود التحريك بلا تحرك، ووجود الكسر بلا انكسار. ولما تصور الانفكاك ههنا - دل أنها ليست بعلل وأسباب حقيقة.